مقالات

التطرف ضد المسلمين في الغرب.. وقفات تاريخية

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

 إن الجرائم التي نراها بحق المسلمين سواء في بورما أو أفريقيا الوسطى أو العمل الإرهابي الذي أقدم عليه متصعلك من شذاذ الآفاق في نيوزلندا، وعلى الرغم من شناعة هذه الجرائم والإبادات في قتل المسلمين، إلا أنه من ينظر عبر التأريخ عن كثب لا يتفاجأ.  إذ نجد خيوطها عبر مواضع كثيرة. فقد تعرض المسلمون لكثير من الإرهاب والقتل والتعذيب من متطرفين نصارى نتيجة التعنصر الديني. والأمثلة كثيرة إذ يذكر المؤرخون عندما شنت الحملة الصلبية الأولى وسقطت القدس بيد الصليبيين عام ١٠٩٩م حدثت مجازر بحق المسلمين وإبادة جماعية بشكل مروع. ويذكر المؤرخ النصراني وِلْيَم الصوري أن بيتَ المقدس أصبح مخاضة واسعة من دماء المسلمين، أثارت خوف الغُزاة واشْمِئْزازهم، وأنه لم يكن من الممكن النظر إلى تلك الأعداد الضخمة من القتلى دون الإحساس بالرعب، ففي كل مكان ترى بقايا جثث القتلى مقطوعي الرؤوس والأيدي، وكانت الأرضُ مغطاةً بدماء القتلى. ونقل المؤرخ الغربي النصراني ديورانت عمن حضروا تلك المذابح وشاركوا فيها قولهم: “إنَّ النساء كن يُقتلن طعنًا بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهَشَّم رؤوسهم بدقها بالعمد.  وفي الحرب الصليبية الثالثة في عام ١١٩٢م بقيادة ريتشلد قلب الأسد إذ قام بجريمة إرهابية مروعة بذبح ٢٧٠٠ أسير مسلم في عكا، وفي مدينة المعرة قتل جميع من كان فيها حتى من في الجوامع والسراديب إذ يحصي المؤرخون قتل ما يزيد عن ١٠٠ ألف إنسان.  وبالانتقال إلى الإرهاب في الأندلس فالكل يعلم ما قامت به محاكم التفتيش من حرق وتعذيب وتنكيل وتشريد واغتصاب بحق المسلمين بسبب الحقد والكراهية والتطرف الممحون. ففي مدينة آبله وحدها تم حرق وقتل وتشريد 113 ألف مسلم في ثلاث سنوات أو أقل [1499 – 1502م] وفي طليطلة أعد بالموت حرقاً 1200 شخص مسلم في جلسة واحدة، وغيرها من الجرائم التي لا تعد ولاتحصى التي حصلت في الأندلس. ومن ينظر إلى التطرف الغربي بحق المسلمين في الوقت المعاصر نجد جرائم قد حصلت بحق المسلمين ما يدمى لها القلب، فمجزرة سربرنيتسا بحق مسلمي البوسنة في عام ١٩٩٥، حيث أقدمت وحدات العقرب الصربية بقيادة المجرم ملادتيش بارتكاب جرائم إبادة مروعة بحق مسلمي البوشناق. والتي خلفت ثمانية الآلاف مسلم بوسني بينهم الأف النساء والأطفال أمام أنظار الوحدات الهولندية التابعة للأمم المتحدة إذ ابيدت مدينة كاملة بشبابها ورجالها وأطفالها ونسائها وكل هؤلاء كانوا عزلا لا يملكون وسائل الدفاع عن أنفسهم بسبب تسليمهم أسلحتهم للأمم المتحدة عام ١٩٩٣ مقابل تحقيق الحماية لهم.

فكانت هذه المجزرة أمام أنظار المحاكم والمنظمات الدولية والتي لم تحرك ساكنا رغم بشاعة الجريمة. ومن المفارقة المضحكة حينما أراد مجلس الأمن عام ٢٠٠٥ اعتبار هذه الجريمة جريمة إبادة جماعية، اعترضت روسيا واستخدمت حق بالفيتو دفاعا عن الصرب. كما استخدمته عدة مرات ضد شعب السوري.    مما يؤكد أن الجريمة هي الجريمة نفسها. والظالم والمظلوم هما نفسيهما بتغير والمكان الزمان. وجرائم الاحتلال الأمريكي الواضحة للعيان بعد احتلالهم للعراق ومجازر الفرنسيين والطليان بحق الجزائر وليبيا.

هذه الجرائم وغيرها الكثير الكثير التي لاقاها المسلمون من المتطرفين لأسباب دينية عبر التأريخ وصولا إلى الانتهاكات الدموية في وقتنا الحاضر. هي واقع مكرر وفكر ممتد. والدليل أغلب العبارات التي كتبت على سلاح الذي قتل فيه الأبرياء في نيوزلندا كانت تشير إلى مواضع تأريخية بين النصارى والمسلمين مما يدل على الحقد العنصري لهذا الخط المتطرف اتجاه المسلمين بصفتهم الدينية، وهذه الجرائم التي قد لا تتجاوز حد الاستنكار للدول والرؤساء والإعلام وخاصة السلاطين العرب ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية الذي يدعي الغرب احتواءه والسعي لتحقيقه كذبا وزورا وبهتانا.

 لذا يجب إعادة النظر في توجيه تهم الإرهاب المعلقة بستائر الإسلام. وإعادة النظر بالمجازر التي ارتكبت ومازلت ترتكب بحق الأبرياء المسلمين. ويجب نفض الغبار عن الضمير الإنساني الخادع وعن قوانين حقوق الإنسان الكاذبة. والابتعاد عن تمويه العدالة الماكرة التي تغيب فئة. وتعطى ويجهر بها لطوائف أخرى. فشيطنة الإسلام وجعله منبعا للتطرف وأنسنه الأديان الأخرى بسبب جرائم ترتكب باسمه فهذا إجحاف وغبن. وما يثير المرارة أن المسلمين أنفسهم يصدقون ذلك وينسون أنهم أول من تعرض للظلم والتطرف الغربي. ومن يعمل على أسلمه الإرهاب والتطرف هو نفسه من يدعم الطغاة الذي مارسوا الجرائم بحق المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى