مقالات

كتاب لتوثيق حصار قطر بقلم خبيرٍ أمين

د. أحمد القديدي

سياسي وأستاذ جامعي تونسي وسفير تونس السابق في قطر.
عرض مقالات الكاتب

الخبرة والأمانة هما الصفتان اللتان أطلقهما على أحد طلابي المتميزين في قسم الإعلام بجامعة قطر والذي تخرج على يدي وأيدي الزملاء الأفاضل عام 2002 وهو الأستاذ فالح بن حسين الهاجري الذي تشرفت بأن أهداني كتابه بعد إهدائه إلى معالي رئيس مجلس الوزراء وهو معروف بالبر بمن علموه.

الخبرة في توثيق الحصار بعلم وكفاءة والأمانة في سرد الأحداث بكل موضوعية رغم أن كل قطري وطني من حقه أن يركب العاطفة الجياشة وينحاز لحقوق وطنه ويدافع عن سيادته المهددة ضد الطامعين في خيرات قطر والحاسدين لما نالته هذه الدولة من حظوة إقليمية وسمعة عالمية لعل أخر تجلياتها هي تلك الزيارة التي أداها حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله إلى الولايات المتحدة. أول ما يلفت الاهتمام في قيمة هذا الكتاب هو اعتماد الكاتب على خبرته الإعلامية ومركزه الثقافي من خلال مسؤوليات عديدة تحملها في بلاده فهو مدير إدارة التراث والهوية في وزارة الثقافة والرياضة وهو رئيس تحرير مجلة (الدوحة) الثقافية التي تعتبر معلما فكريا ساطعًا في عالم المجلات الخليجية مثل (العربي) الكويتية وسبق أن ترأس تحريرها المرحوم الطيب صالح صاحب (موسم الهجرة للشمال) كما أن فالح عضو في هيئات عديد الجوائز التقديرية والمهرجانات الثقافية القطرية فاستخدم آليات البحث العلمي والاستقصاء التاريخي لتقديم وثيقة سياسية للقراء العرب حول مظلمة كيدية بكل المقاييس تتمثل في إعلان حصار شامل لدولة شقيقة يوم 5 يونيه 2017 أي منذ سنتين. أصدق ما أقدم به هذا الكتاب هو ما أورده المؤلف على صفحة الغلاف الأخيرة حين قال:

“لم يكن حصار دولة قطر مفاجئًا بقدر ما كان المفاجئ هو تجاوز جميع الخطوط الحمراء التي سطرتها على مدى عقود علاقات الأخوة والقواسم المشتركة بين شعوب الخليج العربي وكان مفهوم الدولة الحديثة في منطقتنا يسير بالتوازي مع رواسب العقلية القديمة في الحكم وكان لا بد من التصادم بينهما ذات يوم وقد جاء إلى السلطة في دول الجوار من منح لهذا التصادم حجم الكارثة التي أرادت أن تنتصر للمغامرة على حساب المنطق”.

انتهى كلام المؤلف، وأنا أعتقد أن هذا التحليل أصاب الهدف وفسر الواقع ولا يبرر الأزمة حيث ارتقى إلى ولاية عهد السعودية والإمارات رجلان يفتقدان إلى عنصري التركيبة الحكمية لدول الخليج فلا هما يعرفان أصول العلاقات القبلية العريقة ولا هما يدركان مستحقات الدولة الحديثة فأعلنا حصارا جائرا على دولة شقيقة وأقحما في هذا القرار المرتجل الغريب مملكة البحرين وجمهورية مصر ولكل من هاذين النظامين أزمات داخلية حادة جرفتهما إلى الاشتراك في المغامرة كما سماها الكاتب. أبرز ما في الكتاب من جديد ونافع أمران يجب الإشارة لهما وهما: اللمحة التاريخية الضافية لأزمة الخليج في محاور هي كالتالي: جغرافيا سياسية ضاغطة والجغرافيا تضع قطر بين فكي الكماشة والأمر الثاني المهم في الكتاب هو الوثائق المنشورة بالصورة حتى يدرك القراء أبعاد العلاقات بين دول الخليج منذ عقود وكيف يفسر التاريخ أحداث اليوم. ولا يخلو الكتاب أيضا من نفس وطني نضالي يظهر في البراهين التي يسردها الأستاذ فالح للدفاع الذكي عن وطنه وحقوقه وإدانة العدوان وتفنيد حججه الواهية ونحن نقف اليوم بعد أكثر من عامين على الحصار وقطر مرفوعة الراية شامخة بمكاسبها العديدة التي أبهرت العالم وتبوأت مقاما رفيعا من التنمية والإشعاع والاستقرار. فشكرا للكاتب على إثراء المكتبة السياسية العربية بهذا الكتاب، ونأمل أن نقرأ له مؤلفات هو أهل لتحريرها خدمة لوطنه وللحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى