مقالات

الانسحاب الإماراتي من اليمن بين الحقيقة والخداع

عبود محمد الموسمي

باحث سياسي يمني.
عرض مقالات الكاتب

تشير المستجدات الأخيرة في الشأن اليمني إلى تبلور الدور الإماراتي من إستراتيجية القوة العسكرية أولًا إلى التراجع والانسحاب بحسب بعض وجهات النظر، لكن في الحقيقة والواقع فإن الانسحاب الإماراتي من اليمن ليس إلا عبارة عن وهم وخداع لاسيما بعد أن ظهرت مطامع الإمارات الخفية ودعمها لكيانات لا تمثل الشرعية المعترف بها دوليًا لكي تثبت سيطرتها على المناطق الحيوية جنوب اليمن، ومن جانب آخر فان الإمارات كشريك في التحالف قد تنسحب من اليمن وتترك السعودية بمفردها لمواجهة ميليشيات إيران في اليمن في الوقت الذي بات وجود هذه الجماعة يهدد المنطقة برمتها، وبالتالي فإن الانسحاب الإماراتي سيكون عبارة عن هزيمة لتحالف التي تقوده المملكة بعد أن أصبحت الميليشيات الانقلابية تضرب عمق الأراضي السعودية وتطال صواريخها المنشآت المهمة، وإن كانت الإمارات لم تقرر الانسحاب بدواعي الخسران أو الهزيمة وإنما تحت ضغط الجماعات والشخصيات الوطنية التي رفضت خروج الإمارات عن المسار المتفق عليه في التحالف واعتبرت الدور الإماراتي استفزازيًا ومخالفًا لأهداف التحالف المعلنة.

إلى ذلك يأتي انسحاب الإمارات وبقاء الكيانات التي أنشأتها في الجنوب خارج إطار الشرعية معضله حقيقيه وعائقًا أمام تقدم الجيش الوطني وبالتالي فإن الانسحاب الإماراتي إن صح التعبير يحمل رسالتين:

الأولى، للمناوئين لتصرف الإماراتي وسلوكها مفادها: أنتم دون مساعدتنا لا قيمة لكم ونحن الأجدر على المواجهة والحسم العسكري “وأبو ظبي” صاحبة القوة في التحالف وهي من تقف في وجه الميليشيات.

والثانية، للحوثيين الذين باتوا يهددون الإمارات وأصبحت مخاوف الإمارات منهم كبيرة حيث تشير الرسالة إلى أن الإمارات ليست هي الطرف الرئيسي في الحرب وبذلك تخفف حدة الخصومة مع الحوثيين: وهذا ما أكده أحد أعضاء المكتب السياسي لجماعة الحوثيين محمد البخيتي الذي قال: إنهم كانوا يتوقعون انتهاء التدخل العسكري في اليمن، مؤكدًا انسحاب القوات الإماراتية من بعض المناطق، إلا أن الصورة ما زالت غير مكتملة وبالتالي لا يُعرف ما إن كان انسحابًا جزئيًا أم كليا.

الانسحاب خدعة هناك الكثير ممن يرون أنه ليس هناك تغير جذري في الموقف الإماراتي، لأن تدخل أبو ظبي العسكري توقف منذ منتصف عام 2018. وبالتالي فإن الإمارات تنتقل من نسق المشاركة في العمليات العسكرية إلى مرحلة إعادة الفوضى والخراب عبر الأدوات التي أنشأتها ودعمتها في الساحة الجنوبية، معتبرًا انسحابها بداية لمرحلة استثمار أدوات الفوضى، ولا يستبعد بأن الإمارات قد بدأت تدخل في تفاهمات أو تنسيق مع الحوثيين، ولذلك أصبحت في حالة توازٍ كامل مع الدور الذي يؤديه الحوثيون كقوة معادية للسلطة الشرعية خصوصا وأن الإمارات باتت تستهدف القيادات التي لها بصمات في مواجه ميليشيات إيران وهكذا يبقى الدور الإماراتي حاضرًا في الواجهة لكن بطريقة أخرى وبشكل آخر ولكن يتحمل تبعات ذلك المملكة العربية السعودية التي ظهر مؤخرًا بأنها غير متفقة مع الإمارات على مسار الحرب ونتائجه المحتملة أما اليمنيون فهم لا يرغبون في بقاء الحوثيين الأداة الإيرانية مسلطًا على رقابهم لكنهم منقسمون بعضهم يتحسس من تدخلات أشقائهم الخليجيين وسيما الإمارات وبعضهم يرى فيها الداعم الصادق في مساعدتهم بينما لاتزال نوايا الدولة غامضة كل ذلك سيعقد إشكالية القضية اليمنية ووفق رؤيتي الشخصية إذ أن الحل لمشكلة اليمن يتمثل في إنهاء التمرد الحوثي وذلك لن يتم دون توحد القوى اليمنية خلف قضيتهم الرئيسية بعيدا عن التحالفات والتباينات الإقليمية التي أثّرت وكان لها تداعياتها على الملف اليمن – وأقصد هنا الأزمة الخليجية القطرية – التي كان لها دور محوري وتأثير سلبي على مسار الحسم في اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى