مقالات

اتفاقية سان بطرسبورغ التي عرفت فيما بعد باتفاقية سايكس بيكو

عامر الحموي

كاتب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

بعد أن قطعت بريطانيا عهودها للشريف حسين وقبل إعلان ثورة الشريف حسين بشهر واحد، تمّ الاتفاق بين فرنسا وبريطانيا سِرَّاً على اقتسام مُمتلَكات الدولة العثمانية، وانضمّ إلى هذا الاتّفاق فيما بعد كُلٌّ من روسيا و إيطاليا.
فبينما كان العرب والكرد في سوريا و العراق يُمَنُّون أنفسهم بالنّجاة من طغيان الإتّحاديين “ويتلذَّذون بما يقرؤون في المنشورات والجرائد (القبلة والمُقطَّم و..)، التي تنقلها إليهم العيون أو تنثرها عليهم الطيّارات، كان كُلٌّ من الحكومتين البريطانية و الفرنسية تضعان أصول الاتّفاق بين دولتيهما على اقتسام هذه البلاد بينهما، ويضعان لها خارطة تُحدِّد منطقة [نفوذ] كلّ قسم منهما”.
وجاء أوّل اجتماع فرنسي- بريطاني إبّان الحرب العالمية الأولى، تجاه موضوع سوريا و العراق، في لندن في 21 كانون الثاني 1915، حضره كلّ من جورج بيكو (Georges Picot) ، آخر قنصل لفرنسا في بيروت قبل الحرب، في القاهرة حيث التقى بمارك سايكس (Mark sykes) مندوب بريطانيا، فشرعا في مفاوضاتهما لوضع صيغة المواد. وتقاسم مناطق النفوذ.
ثمّ جرت المفاوضات بين دول الحلفاء فرنسا وبريطانيا وروسيا في ربيع سنة 1915 في كلّ من لندن وباريس، و وُقِّعت معاهدة سرّية أيضاً مع إيطاليا في لندن في نيسان 1915 من أجل جرّها إلى معسكر الحلفاء، اِعتُرف لإيطاليا بمطالبها في جزر الدودوكانيز (في البحر الإيجي) التي احتلّتها بالإضافة إلى إقليم أضالية في الدولة العثمانية. ثمّ وَقّعت كلّ من روسيا وبريطانيا وفرنسا معاهدة سان بطرسبورج 4 آذار 1916 لتصفية الإمبراطورية العثمانية واقتسام أملاكها بين الحلفاء الثلاثة وتأسيس مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية وروسية في البلاد العربية والآسيوية، حيث نَصّت على أن تحصل روسيا على القسطنطينية والمنطقة الواقعة حول مضيق البوسفور، وجزء كبير من الأراضي في شرق الأناضول المتاخمة للحدود الروسية (أي مناطق الأرمن ولم تكن روسيا تعترف بشيء اسمه الكرد بل دعمت الأرمن بالحرب العالمية حتى قاموا بمجازر ضد المسلمين راح ضحيتها أكثر من مليون مسلم خاصة من الكرد).
وكانت اتّفاقية سايكس– بيكو- سازنوف (وزير الخارجية الروسي الذي انضم للمفاوضات ) في توزيع مناطق النفوذ في المنطقة العربية جزءاً من الاتّفاقية الكبيرة بين الأطراف الثلاثة (اتّفاقية بطرسبورغ) مع تعديل لحصّة روسيا بعد انسحابها من الحرب العالمية الأولى، وتوزيعها بين كلٍّ من بريطانيا وفرنسا، ولقد حملت مضمون الاتفّاقية الأخيرة الكامل. واعتَبر تاريخ 16أيّار1916 تاريخاً لها، حيث أرسل إدوارد غراي (E. Grey) وزير الخارجية البريطاني رسالة إلى السفير الفرنسي في لندن يُعلِمه بموافقة الحكومة البريطانية النهائية عليها.
بعد خروج روسيا من الحرب العالمية بسبب خسائرها أمام الدولة العثمانية وبسبب قيام الثورة البلشفية فيها عام 1917 قامت حكومتها بفضح اتفاقية سايكس – بيكو – سازنوف إبان الحرب وكان جل العرب وكثير من الكرد مخدوعين بالحلفاء، ولم ينفصلوا حتى وقعوا تحت احتلال كلا الدولتين الأخيرتين أكثر من عشرين سنة، تقاسمت كلتا الدولتين حصصهما على جسد الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى