حقوق وحريات

مذكّرات.. جرح الماضي ينزف من جديد

عزيزة جلود

الحلقة الخامسة

كان يا ما كان في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان لحتى كان
تقول شهرزاد:
في احدى أمسيات السجن الحزينة سمعنا جلبة وضوضاء في ممر السجن والسجانون يروحون ويجيئون يفتحون بابا ويغلقون آخر وصمت رهيب يخيم على السجن الا من تلك الأصوات الصادرة عن السجانين جلست والأخوات وكلنا آذان صاغية لنعرف ماذا يجري وحاولنا أن نربط الأحداث ببعضها نعم الليلة هناك تسفير للسجناء لسجن تدمر أو سجون دمشق حزنا حزنا يدمي القلب انهم يقتادون هؤلاء الشباب الى مذابح يرتكبونها بحقهم بدون محاكم عادلة ولا محامو دفاع يكفيك أن يثبتوا عليك قول كلمة واحدة لا تعجبهم ليس بالضرورة أن تكون انتقادا لهم ليجروك مكبل اليدين معصوب العينين والعصي والكرابيج تنهال عليك من كل حدب وصوب يا الله ما هذه المأساة؟هل مات ضمير العالم ؟هل ماتت النخوة والرحمة من قلوب الرجال ؟من أي طينة مجبول عليها هؤلاء السجانون اللئام ؟انهم من كل مدينة في سوريا واحد من الحسكة وآخر من دير الزور وآخرون من اللاذقية وطرطوس وحمص”عاصمة الثورة السورية “ومن قرى حلب وجبل الزاوية قد لا تصدقون هذا ولكن اذا طلبتم مني أن أفصح عن اسمائهم فسوف أفعل ولكن لا أرغب بذلك فقد وصل هؤلاء السجانون الى سن الشيخوخة وقد يكونون ندموا وتابوا على ما اقترفت أيديهم ولا اريد ان أفضحهم أمام اولادهم وأحفادهم قد يكون أحدهم يشارك في الثورة الآن .ازدادت الضوضاء وارتفعت أصوات أقدام كثيرة وبدأ السجانون ينادون على اسماء السجناء ويقيدونهم انها حفلة الوداع الأخير من السجانين لهم لهذا كانت حارة جدا وبعد لحظات هدأت الأصوات وأغلقت الأبواب وساد صمت رهيب مفزع أشبه بصمت القبور وبدون أن نستشير بعضنا وكأننا أخذنا قرارا جماعيا أجهشنا بالبكاء المرير على هؤلاء الفتية نعم “انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى “وبعد اثنان وثلاثون عاما أفرح عندما أتذكر أننا كنا آخر من رأى تلك الوجوه النيرة والقامات الشامخة المليئة بالايمان والفخر بدينها وانها السباقة في كشف ظلم وجريمة وكفر هذا النظام بكل الشرائع السماوية والأرضية مازالت ملامح وجوههم التي كنا نراها من خلال ثقوب الباب في مخيلتي كلما جاء ت ذكراهم رحم الله من مات منهم وسلامي لكل من خرج منهم من السجن بعد عشرات السنين
ونام شهريار السجان وسكتت شهرزاد عن الكلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى