حربٌ على التاريخ

شعر إسماعيل الحمد
ياخائنَ التَّاريخِ هذي أمَّةٌ = تأبَى الفَناءَ وتَزرعُ الأحلاما
فيها تُرَفرِفُ مِن أمَيّةَ رايةٌ = عَزفَت لها آمالُها أنغاما
وعلى مآذنِ قاسَيون أهِلَّةٌ = فوقَ السّحابِ تُعانقُ الإسلاما
وبها مِنَ التاريخِ مَجدٌ باذخٌ = رَشفَت بَقايا سِحرِه أسقاما
مَروانُ وطَّدَها وأعلى شأنَها = فتميّزت في الخافِقَيْن مَقاما
وخيولُه للفتحِ مُسرَجَةٌ ولم = يعرف لها المجدُ التليدُ لِجاما
ظلّت على مَرِّ العُصورِ مَنيعةً = ما أغمدَت للحادثاتِ حُساما
وَالرومُ تعرفُ عَن هِشامٍ صارمًا = في ( ناربونة ) يرفعُ الأعلاما
يَهوي على هامِ الغزاةِ إباؤه = وعلى الخِيانةِ يَسحقُ الأقزاما
ويَمُدُّ قامتَه العزيزةَ شامِخًا = ويُظِلُّ في كَنَفِ السُّيوفِ الشّاما
غَرّتكَ أوهامُ الطغاةِ وجئتَها = بلَظى الغُزاةِ تُسوِّقُ الأوهاما
نحنُ الألى، فاسألْ حَماةَ عَن الذي = هتَكَ السِّتارَ وَأسَّسَ الإجراما
واسأل صناديدَ الجبالَ مِن الأولى = شَرَعَت لهم أحقادُهُ الإعداما
وسَلِ السُّجونَ عن الكرامِ مِنَ الأولَى = صارَت لَهُم أسماؤُهم أرقاما
حَتَّى لَعمرُكَ إذْ سَلَختَ جلودَهم = من فَرطِ حِقدِكَ تَسلخَنْ أنعاما
واسأَلْ أباكَ: مَن الذي في غفلةٍ = وَلَّى على جَولانِها الحاخاما؟
واسألْ فَرَنسا كَيفَ جدُّك خلسةً = رَفَضَ الجَلاءَ وقبّلَ الأَقداما؟
مُتوَسِّلًا كي تَستَمِرَّ جُيوشُها = تَسقي الأُباةَ الثائرينَ حِماما
يا رائدَ التَّعفيش سَيفُكَ خائنٌ = أردَى النِّساءَ وشرّد الأيتاما
وعَدا على الشَّامِ الجَريحةِ بالذي = أفنَى الحَياةَ وقَطَّعَ الأرحاما
هذي نهارُ المَجدِ ياهذا فَمَن = يَخشَى على ضوءِ النهارِ ظَلاما؟
ستَظلُّ فوقَ الشمسِ تخفق رايةً = ولَها السُّيوفُ الماشِقاتُ قَوَاما
وتظلُّ لِلمَجدِ المُؤَثَّلِ قامةً = مَرفوعَةً، هامًا تُطاوِلُ هاما
وتَظلُّ رغمًا عنكَ تهتِفُ للعُلا = وتَظلُّ لِلمَجدِ التَّليدِ وِساما
تَسقيكَ من مُرِّ العذابِ على مَدًى = مِمّا تُجَرَّعُ في المَدَى آلاما
ولها جِبالُ النارِ تَلهَجُ عِزّةً = لِتُحيلَ أوهامَ الغُزاةِ ضِراما
8/7/2019 م
ناربونه: معقل بيزنطي استولت عليه جيوش هشام بن عبد الملك قبل معركة بواتيه (بلاط الشهداء).