وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)
العالم الرباني الصادق الذي يجب أن نتبعه، هو صاحب العقيدة الصحيحة والمنهاج الصحيح المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغير مبتدع في دين الله. يقول الحق من ربه. فلا يقول إلّا بالدليل من القرآن والسنة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولا يخشى في الله لومة لائم، غير منافق ولا يجامل ولا يداهن ولا يهادن في دينه. لا يوالي الطواغيت ويتبرأ منهم عزيز على الكافرين متواضع مع المؤمنين حريص عليهم بالمؤمنين رؤوف رحيم. سابق بالخيرات يحمل هموم المسلمين. وناصح أمين لهم ويقلق عليهم أينما كانوا، يتفاعل مع قضاياهم كأنها قضاياه الشخصية. الدنيا ليست أكبر همه ولا مبلغ علمه يفقه بالسياسة كما يفقه بالدين.
فمن قال بأنه رجل بأنه رجل دين ولا يفقه في السياسة فاعلموا بانه ظالم لنفسه ومن أنصار الطواغيت. وهو لا يفقه في الدين فالدين كله سياسة. والذي لا يفقه في السياسة يعني لا يمتلك الوعي السياسي يعني لا يفرق بين العدو والصديق وبين من هو مع المسلمين ومن هو ضدهم. وهو لا يفقه حيثيات الواقع الذي يعيش فيه. يعني يعيش يأكل ويشرب ويتمتع كالأنعام بل أضل سبيلا. وهو يريد المسلمين أن يكونوا مثله
ويريد أن يخلي الساحة لإعداء الإسلام حتى لا نفقه ما يدور حولنا وما يخطط لنا. وحتى نبقى في دوامة وحلقة مفرغة وفي فراغ قيادي وسياسي هائل يملؤوه أعداء الإسلام من العلمانيين والملحدين واليهود والنصارى والأقليات الحاقدة. حتى يبقوا هم ساستنا وقادتنا وولاة أمرنا. ويبقوا يعبثون بنا وبديارنا ومصيرنا وكرامتنا وثرواتنا كما هو الحال الآن.
فالعالم الرباني يجب أن يكون على درجة عالية من الثقافة والوعي السياسي وفهم الواقع حتى يحّذر المسلمين من مؤامرات الأعداء فلا ينجروا وراءها كالقطيع ويتداركوها فيفشلوها.
فما وصلنا إلى ما وصلنا إليه إلا بعد أن تخلى العلماء عن دورهم وأصبحنا نعاني من ندرة العلماء الربانيين واعتلى المنابر في المساجد ووسائل الإعلام أتباع الطرق القبورية الوثنية التي تعبد البشر والقبور والحجر وتوالي الطواغيت الظالمين من كل جنس ودين. ومشايخ هذه الطرق الشركية يتميزون بالنصب والاحتيال والكذب والدجل والجهل المطبق فلا ينطلي دجلهم إلا على من هو أجهل منهم فاضلوا الناس وخدروا وعيهم وبدلوا دينهم فلا يوجد حسب دينهم علاقة مباشرة مع الله وإنما من خلالهم. ومن لا شيخ له لا عبادة له ولا يقبل دعاءه وهؤلاء جعلوا المسلمين طرائق قددا وغثاء كغثاء السيل تتبرك منهم الدهماء ويأكلون أموالهم بالباطل وللأسف هذه الطرق تنتشر بين الناس كالنار في الهشيم.
والوجه الأخر لهذه الطرق هي الطرق التي تنسب نفسها إلى السلفية. والسلف منهم براء فما هم إلا على منهاج الطواغيت ولاة أمرهم. وظهر أيضا في المسلمين ما يعرفون بالدعاة الجدد الذين لا يفقهون لا بالدين ولا بالسياسة ولا بشيء. وما هم إلا ممثلين كمن يمثل دور عالم وشيخ الحافظ لدوره كما في الأفلام والمسلسلات المصرية.
وفي سنوات التمحيص والتمايز الأخيرة التي شهدت ما عرف بالثورات المضادة على ثورات الربيع العربي انكشفت حقيقة هؤلاء حيث اضفوا شرعية على الثورات المضادة بإصدار فتاوي تستبيح دماء المسلمين وقتلهم تقتيلا دون شفقة ولا رحمة كما حصل في مصر في مذبحة رابعة والنهضة والمذابح التي تحصل للأن فهم يدعون بأنهم لا يتدخلون في السياسة أما عندما تعرضت الأنظمة والأجهزة التي ينتمون لها إلى خطر السقوط سارعوا إلى التدخل في السياسة وإلى إصدار الفتاوي ضد الثورات العربية وبأنه لا يجوز الخروج عن الحكام ولاة الأمر الذين حملهم الكفار على أكتافنا ورقابنا.
فالحمد لله الذي كشف هؤلاء الأدعياء المجرمين وما هم إلا دعاة على أبواب جهنم الذين انخدع فيهم الناس طويلا وانقادوا خلفهم فمن تبعهم فقد هلك.
والحمد لله رب العالمين الذي تكفل بحفظ دينه. فيا عباد الله حجتكم على أنفسكم وعلى الناس هي القرآن والسنة فمن زاغ عنهما هلك. فاتبعوهما ولا تتبعوا البشر فكيف تتبعون قوما يوالون الطواغيت ويفتون لهم بما يرضيهم ويسخط الله عليهم ولا يخشون الله. بل إن بعضهم يدعو الله أن يحشره مع الطواغيت الذين أعلنوا الحرب على الله ورسوله والمؤمنين وأوغلوا بدماء المسلمين بل وجعلوهم آلهة وقالوا عنهم بأنهم لا يسألون عما يفعلون وقد أمرهم الله أن يكفروا بهم.
اللهم ثبتنا ولا تفتنا ولا تجعل لشياطين الأنس والجن علينا سبيلا. فيا عباد الله تدبروا معي هذه الآيات البينات لنعرف من هو أهدى سبيلا حتى لا نَضل ولا نُضل فلا نكون من الأخسرين أعمالا.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)) سورة النساء
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (16) لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)) سورة المجادلة