مقالات

ألاعيب إيران لاتنتهي في العراق

خالد محفوظ

كاتب وإعلامي عراقي
عرض مقالات الكاتب

اختلفت التفسيرات للقرار المفاجيء الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء العراقي والقاضي بدمج مليشيات الحشد الشعبي مع تشكيلات الجيش العراقي ، فالبعض وصفه بأنه قرار حل لهذا الحشد الذي أصبح عبئاً ثقيلاً وثقيلاً جداً على الدولة وعلى محاولتها تصحيح علاقاتها بدول الجوار وعلى مدنية المجتمع وعلى هيكلية الدولة برمتها . البعض الأخر وصف الأمر الديواني هذا بأنه محاولة من السيد عادل عبد المهدي لفرض شخصيته كقائد عام للقوات المسلحة بعد أن أصبح الكثير من قادة الحشد هُم الأمر الناهي في المشهد العسكري والأمني في البلاد وصاروا خارج نطاق السيطرة . البعض الثالث أشار لوجود ضغوط خارجية وتحديداً أمريكية نقلها بومبيو شخصياً لرئيس مجلس الوزراء العراقي تتضمن وجوب التصرف السريع والتعامل العاجل مع ملف الحشد الذي ألتهم المفاصل كافة من صغيرها إلى كبيرها ويواصل تمدده بقوة السلاح وغطاء الدولة سياسياً في مناطق غير بيئته وليس له اتباع فيها بحجة مكافحة الأرهاب وهو أمر تراه الأدارة الأمريكية كما الكثير من العراقيين أنه دور يلعبه الحشد في إطار أجندة نفوذ إيراني تستهدف ابتلاع الجغرافية العراقية بأكملها .

شخصياً لا أتفق مع الطروحات السابقة ، فطريقة إعلان هذا الأمر وتوقيته وتحديد مدة زمنية لتنفيذه لا تتجاوز الشهر الواحد وترحيب فصائل أساسية متنفذة من مليشيات الحشد بهذا الأمر الديواني كما يسمى وهي التشكيلات نفسها التي رفضت وبشدة ذات الفكرة عندما أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء السابق حيدر العبادي بعد انتهاء عمليات طرد تنظيم داعش الإرهابي من الموصل ، اذااً لماذا ترفض هذه الفصائل الموضوع قبل حوالي العامين من الآن وترحب به اليوم ؟

الحقيقة القصة برمتها قد تكون خطة إيرانية شيطانية لحماية هذه المليشيات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها وتعتبر أحد أهم أذرع طهران في ممارسة نفوذها الأقليمي والملالي يعلمون جيداً أن أي مواجهة محتملة مع أمريكا ستستهدف قطع أذرعهم أولاً بغية تحجيم نفوذهم ، لذلك فأن قرار عبد المهدي بدمج هذه الميلشيات مع وحدات الجيش ومنح منتسبيها رتبا عسكرية نظامية كما هو معمول به في القوات المسلحة ( رغم أن منتسبي هذه الفصائل لا يحملون أي مؤهل علمي أو دراسي يؤهلهم لذلك )  وإغلاق مقرات تشكيلات الحشد بكل مسمياتها وإزالة أي إشارة أو راية أو اسم خارج إطار الجيش الحكومي من على بنايات ومواقع ومعسكرات هذه الميلشيات ، قد يكون من باب توفير الحماية لها من أي رد فعل أمريكي أو ضربة عسكرية محتملة لهذه الفصائل لاسيما في ظل أجواء التوتر التي تشهدها المنطقة حالياً ، حيث إن واشنطن لن تهاجم بالتأكيد مقرات الجيش العراقي الذي تعمل على تسليحه وتقويته بأستمرار وبالتالي سيكون دمج هذه الميلشيات معه مظلة حماية ممتازة لها لأنها ستحميها من ردود فعل مفاجئة وفرصة اختباء مضمون من أي تهديد ، ربما هذا يفسر وبوضوح لماذا رفض قادة هذه الفصائل الأمر قبل عامين وأيدوه اليوم رغم أن بعضهم خرج بتصريحات رافضة واعتبرت أن الموضوع يعتبر استهانة بما سماها ( تضحيات ) الحشد ، وهذه ردود الافعال قد تكون ذراً للرماد في العيون لا أكثر من أجل أنجاح الخطة الإيرانية .

ايضاً دمج الميلشيات مع الجيش سيتيح لهذه الفصائل التعامل عن قرب وبشكل مباشر مع الأسلحة الأمريكية التي تمنع الولايات المتحدة الحكومة العراقية تسليمها للحشد الذي يعتمد على التسليح الإيراني بشكل أساسي وقصة الدبابات التسع التي تم تسليمها من قبل الأمريكان لأحدى الوحدات العراقية بعد عدة أشهر من احتلال داعش لمناطق واسعة في البلاد مازالت ماثلة للأذهان حيث اكتشف الجانب الأمريكي أن الوحدة العسكرية العراقية ماهي إلا مليشيات لا ترتبط بوزارة الدفاع ( مع أن التسليم تم عن طريق وزارة الدفاع في عهد المالكي ) فصدر قرار بسحب الدبابات التسع فوراً ، تم فعلاً تنفيذ الأمر لكن كان هناك نقص دبابة ادعت المليشيا أنها تدمرت خلال معارك صلاح الدين، فطالب الأمريكان بحطامها، غير أن الفصيل الموالي لطهران قال إن الحطام تم دفنه في منطقة أصبحت مجهولة لديه لصعوبة نقله وهو الأمر الذي أثار شكوك الخبراء العسكريين الأمريكان من أن الدبابة قد تكون نقلت لإيران، علماً أن الجانب العراقي لم يستطع حتى هذه اللحظة إثبات مصير الدبابة المفقودة وأين اختفت رغم مرور قرابة الأربع سنوات على الحادث ، هذا مثال واحد فقط لما جرى ولما يمكن أن يجري والأيام المقبلة كفيلة بالأجابة عن كثير من الأسئلة وتبيان حقيقة قرار عادل عبد المهدي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى