سياسةمقالات

نظرية المؤامرة.. الرصاصة التي تحارب عقول المسلمين

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

إن التوغل بالنظر في أعماق  مشاكل الأمة نجد هنالك مواطن عدة ساهمت في انحدار قضايا الأمة وعلى جميع الصعد سواء السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية. ومن اخطر المواطن, هو الهوس لدى الكثير من الناس والإعلام بفكرة (المؤامرة) والجعل منها السبب الوحيد والرئيس في الانقسام والحروب والتخلف والجهل وينظر. لها أن لا موضع ولا أزمة تمر بها أمتنا إلا ويكون بسبب مؤامرات ودعم الغرب وأن المنظمات كالماسونية والتبشيرية والعلمانية واللبرالية واليهودية والنصرانية  قد اجتمعت وأوصلوتنا الى هذا الحال. فما أن يحدث حدث أو يخرج شخص أو تقوم ثورة أو نرى تصاعدا لشعبية أحد أو حتى على مواضع القنوات والإعلام والدراما والسينما . إلا وننبري بتوجيه النظر إليه أن هذا الشيء محاك ومدبر ومدعوم فيحدث بذلك اختلال في التفكير التحليلي .

إن الخوض في هذا الموضع صعب جدا ويحتاج الى التأني والتفكر بهذا الأمر بهدوء حتى يتحقق الاستيعاب الكامل لأنه إذا أخذ هذا الموضوع بعلته وبقراءته السطحية السريعة سوف لا يتحقق المغزى الذي تشخص من أجله المشكله.

 ابتداء ما هي نظرية المؤامرة: نظرية المؤامرة هي أن تشعر أن كل شيء يحدث حولك من أحداث هامة أو كبرى تُؤثِّر عليك بشكل سيئ، هي مؤامرة، و تبدأ أنت بعد ذلك بربط الأحداث بشكل يجعلك تقتنع أن المُؤامرة التي تُفكِّر فيها، صحيحةً فعلاً !

نظريات المؤامرة يتم إستخدامها كـمُحاولَة لتفسير حدث ما. و هذا الحدث في العادة يكون حدثاً سياسياً أو تاريخياً أو إجتماعياً رئيسياً. و وِفقاً للخبراء في هذه النظرية، فإن مُرتَكِب هذا الحدث يكون في العادة مُنظَّمة سرية أو شخص قوي.

فأن التمسك بهذه النظرية وفقا لعقول الناس لا تعاني منه أمتنا فقط ولكن في كثير من دول العالم . نجدها اليوم كتجسدة في الكثير من الدول الاسلامية وفي شعوبنا العربية . وفي اعلامنا أخذت تتركز بشكل ملفت وأخذت تعتمد بكثافة عالية في من خلال التسويق الثقافي لها وهذا اكيد يكون بواقع عدة الاسباب :

1_ الانغلاق الفكري  والإعلامي:

في القرون القليلة السابقة كانت المجتمعات الاسلامية منغلقة مُنعزلة عما يحدث في العالم، كنا نحتاج معرفة موقعنا من بين شعوب العالم أن نرى ما هم عليه.

2_ ومع الاحتلال العسكري والتجارة والمصالح السياسية كانت الصدمة بكل التقدم والتفوق الذي وصل إليه الآخرون ونحن في أماكننا لا نتقدم خطوة، حتى أصبحنا أشبه بعبيد لهم وبلادنا أسواق كبيرة، مشدوهين بثقافتهم وعلمهم.

3_ سطحية التفكير في تحليل الحوادث:

نجد انفسنا في كثير من الاحيان على موضع سطحي في تحليل القضايا التي نناقشها للمسائل والمشاكل فالاكتفاء برمي أسباب الأزمات على الخطط والمؤامرات وأنها من وحي بعض الدول والمنظمات والأشخاص وعدم التشخيص الحقيقي لهذه الأزمات تجعل منا في موضع الاستسلام والركود اتجاه ذلك.

4_ الوعي الفكري :

تربتط نظرية المؤامرة بالوعي الفكري ارتباطا عكسيا فكلما تجد مجتمعا متحضرا وتكون فيه نسبة الوعي والثقافة بشكل عال تجد نسبة احتلال هذه النظرية بشكل قليل في مواجهة أزماتهم. وبينما الذين ينظرون الى أزماتهم أفقط على أنها مؤامرات وخطط محاكة ستجد هنالك اضمحلالا حالكا لدى الوعي الثقافي لديهم .

خطورة نظرية المؤامرة:

إن خطورة إيكال الأزمات والمشاكل التي تعاني منها الأمة على التأمر  والتخطيط المسبق سيجعل منا في موقف انجمادي استسلامي وكأن أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني والمنظمات السرية هي التي تحوك أقدارنا وتجعل منا مقيدين اتجاه إيجاد حلول لمشاكلنا الكثيرة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وجعل كل مشكلة امرا واقعا في حياتنا ونرضخ لها وبذلك نوصل أنفسنا الى مايبغونه هم حقيقية .

هؤلاء ليسو بمعزل عن الإيقاع في أذيتنا فهم بالتأكيد متربصون لنا ولديننا ويحاولون بكل معاول الشر لهدم ديننا بل أُمرنا نتحذر منهم  قال – تعالى: ﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: 118

ولكن أن ننسا ضعفنا وننسى فرقتنا وانقسامنا وابتعادنا عن كل القيم الصحيحة وسوء تخطيطنا ونكيل بكل ذلك على غيرنا فهذا أكيد أمر مبالغ فيه وهو الوقوع بحبال (نظرية المؤامرة).

النتيجة ورأي :

إن المستخلص من ذلك كله أن لا ننظر إلى هول مانحن به من خير وشر بسبب مؤامراتهم وخططهم هم فهذا أمر خاطئ فاليهودي والمسلم والمسيحي بالنهاية بشر ولديه العقل نفسه. ولكن نختلف في التفكير وسلطة الأقدار والامتحانات  بيد الله وحده  بل علينا تشخيص العلل الحقيقية للأمراض التي تعاني منها الأمة .

نعم إن اليهود والتبشيرين والمنظمات السرية وغيرهم كما قلنا سابقا تتصيد الفرص والأزمات للايقاع بنا.  ولتتنفذ داخل بلداننا ولتكون لها اليد الطولى في اقتصداتنا وسياستنا ومناهجنا. وهذا ليس بسبب أنهم تآمرو. بل بسبب ضعفنا نحن وابتعادنا عن الثوابت التي يجب أن تقوم عليها الأمة.  قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى ‏الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أومن قلةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء ‏السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا ‏رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت). صدق رسول الله

فيجب علينا ان نبحث في أنفسنا وفي اختياراتنا وفي ثقافتنا وتفكيرنا ومنهجنا قبل أن نقول, الاستعمار والانحلال والجهل والفقر والتفرق هو بسبب الغرب والصهاينة ووصل بنا أن نسمع حتى السوشال ميديا وأجهزة الستلايت والشبكة العنكوبتية هي انشئت للتأمر على المسلمين  .

إذن علينا أن نتخلص من هذه الفكرة في عقولنا وأن نذهب نحو التفكر والتعمق والتحليل كما أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصِدور}.

فتشخيص مشكلتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والتوجه نحو إصلاحها ستكون نتائجها أفضل بكثير من الترقب والاستسلام والاستضعاف. إذ إن الاختطاط الايجابي سواء للفرد أو الجماعة والتمسك بثوابتنا الدينية والعلمية والفكرية الحقيقية تحقق لنا عوازل صد لمجابهة أي استعداء مهما بلغت قدرته ومهما وقفت بصدده المؤامرة وإن وجدت.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
    هذا الأساس في التغيير
    في تصوري ان ألصقه بين ابناء المجتمع الواحد هي ليست من القوة لبناء “نسيج مجتمعي” قوي
    العامل الخارجي له دور في ذلك فأعداؤنا يعيشون على فرقتنا
    انظر الى قوله سبحانه و تعالى
    و اعتصموا بحبل الله”جميعا”. ولا. “تفرقوا”
    لاحظ جميعا …تشمل الجميع ليس فءة دون فءة
    لاحظ ايضا ولا تفرقوا ،،فيها الاستمرارية

    و الان ما يسمى نظريه الموءامره:-
    لها معنيان …الأول ان كل ما يحدث لنا هو من شرور اعداءنا …المعنى الثاني هو وجود تامر من قبل الدول الكبري
    بالحقيقة كلاهما موجودان …فالغرب الاستعماري و منذ دخوله العالم الاسلامي وهو يعمل على خلق الصراعات بين شعوب المنطقه وحتى بين فءات المجتمع الواحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى