تهديم وتدمير العراق وأيرنته سائرة على قدم وساق فبعد ألغاء الحياة السياسية واستبدالها بكشوانيات مذهبية ترتدي ثوباً دينياً مهلهلاً يكشف العورات أكثر مما يسترها تحت مسمى الحزب الفلاني والمجلس العلاني ثم سارت كرة ثلج الأيرنة لتلتهم الجيش العراقي الذي تم أضعافه وضرب هيبته تدريجياً حتى أعلن عن موته سريريّاً قبل خمسة أعوام بعد هزيمته الأخلاقية قبل العسكرية في معركة الموصل لصالح مولود جديد يدين بالولاء المطلق لطهران وذلك إمعاناً في ألغاء مقومات الدولة وأساسياتها ولم تتوقف كرة الثلج هذه عن افتراس كل ما يقع في طريقها فعرجت على الثقافة والأدب وقطاع الإعلام عبر خلق جيل من كُتّاب وشُعراء وإعلاميي ما بعد 2003 تحدد الطائفية لوحدها دون أي معيار أخر مستوى كفاءته وتميزه وتقام احتفاليات وهمية لتكريم هذه النماذج وفرضها ضمن آلية مرسومة مسبقاً كنجوم ومبدعين في مجال عملهم وبالتالي أخذ مكان المبدعين الحقيقيين ممن أجبرتهم ظروف الاحتلال وتداعياته على ترك بلادهم أولاً وعدم الانغماس في مزبلة الطائفية التي تتحكم بالمشهد العام في العراق ثانياً، وضرورة النفاق والتدليس والسير في الفتنة والولاء لإيران من أجل الحصول على تكريم تافه لا قيمة مادية أو معنوية له هنا، أو فرصة أتفه هناك، والحقيقة أنّ هؤلاء يسهمون في بلورة اتجاهات شعبية لدى العموم من ذوي العقول البسيطة والتعليم المتواضع والبيئة المغيّبة فكرياً وأدلجتها باتجاه احتواء وابتلاع إيران للعراق وسلخه عن عمقه العربي وتحويله لحديقة خلفية تتلاعب بها طهران كيفما تشاء.
لم تتوقف جهود الأيرنة عند حدود أو قطاعات معينة فتم التهام القطاع الاقتصادي والمالي العراقي بشكل شبه كامل وتم تعطيل النهوض وتحسين واقع البنى التحتية وخصوصاً قطاعات الصحة والكهرباء والتعليم لتصبح إيران هي الملاذ لتوفير البديل.
في ظل هذه الأجواء يبقى السؤال الأكبر كيف سيستعيد العراق عراقيته، وهل من المعقول أنّ أمريكا التي سلمّته على طبق من ذهب لإيران أمس، هي من ستنقذه اليوم؟
مثل هذا النوع من الأسئلة رغم بساطته يحتاج لإجابات معقدّة وعميقة وربما لدراسات كاملة وبحوث غير تقليدية لأن حجم الأزمة العراقية أكبر بكثير مما يعتقد البعض، بلد كان قلعة من قلاع الثقافة والفكر والأدب يوماً ما حتى تبلغ كرة الثلج الإيرانية مبتغاها أو تتحطم على يد من ستتعارض مصالحه معها عاجلاً أم أجلاً وحتى ذلك الحين سنبقى نتحسر متألمين على الثقافة والأدب والفكر في عراق أختلط فيه الحابل بالنابل.