مقالات

معركة الوجود.. وهدم الرموز

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

المتتبع لتاريخ الصراعات في العالم يعلم بأن أهم شريحةٍ استُهدفت في معظم تلك الصراعات هي شريحة الشباب، تلك الشريحة المهمة التي يُعوَّل عليها في نهضة أي أمة من الأمم وتحديد ماهية مستقبلها.والله عزّ وجلّ… جعل القوة في الشباب فقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم: 54]

● الاستهداف القاتل:

بنظرة تحليلية بسيطة ندرك بأن أعداءنا يريدون تحقيق أهدافهم من خلال هدم الأسرة، وهدم التعليم، وإسقاط القدوات وتغييب دور الأم وجعلها تخجل من وصفها “ربة بيت”..!!

ولننظر ألا يعمل “الإعلام” اليوم على تشويه هذا الدور صباح مساء، ويحض الفتيات على التمرد وهجر القيم؟

وكيف بفتيات الحاضر..؟؟؟

هل يعِين أهمية ذلك الدور.. كربّة منزل.. أم يرينه تخلفاً وجهلاً؟

ولنحلل الأمر الآخر في هذه الهجمة الممنهجة والذي يتمثل في تشويه التعليم، وقد بات معلوماً أنه لكي تهدم التعليم عليك باستهداف المعلم، لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلل من مكانته حتى يحتقره الطلاب فيسقط في عيونهم وتُستباح مكانته الطبيعية في كونه رمز هام من رموز بناء المجتمعات.

ولننظر كيف حال المعلمين اليوم، وكيف هو وضعهم الاجتماعي، أليس مأساوياً؟!

ألم يهدُم “الإعلام” هيبة المعلم، ووقاره ومكانته بدءاً بمسرحياتٍ وأعمال “فنية” كوميدية هزلية، وليس انتهاءاً بالتضييق عليه مادياً كي يضطر إلى اتباع أساليب وأعمال إضافية واستجداء طلابه أحياناً لتأمين ما ينقصه من موردٍ مادي من خلال (الدروس الخصوصية)التي ساهمت في تحطيم الهالة القدسية التي كان يتمتع بها..؟؟

أما الطرف الآخر المستهدف في تلك المعركة الشاملة القذرة فهُم علماء الدين، ولكي يسقطوا القدوات منهم طعنوا بعلمهم، وقللوا من شأنهم، وشكّكوا فيهم “من خلال اختراقهم واستزراع عملاء بينهم” حتى لا يُسمَع لهم، ولا يَقْتَدي بهم أحد، ولننظر ما حال علمائنا اليوم؟

ألا يتطاول عليهم كل من هبّ ودبّ من “إعلاميي المرحلة” ويصفونهم في أحسن الأحوال.. بالجمود والتخشّب والماضويّة.؟

وللذي يبرر الهجمة عليهم ويقول بأنّ هناك من علماء الدين من هم مراءون وقد تبنّوا مواقف سياسية تملقاً للطغاة وتبريراً لطغيانهم أقول بأن هذه اللعبة القذرة وتوظيفها ليست اعتباطية وبالرغم من أحقية الكثير من تلك الاتهامات بحقهم إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أنها جزء (مسبق البرمجة والصنع) من تلك الهجمة الممنهجة وبالتالي هي “كلمة حقّ يراد بها باطل”.!

– عودوا إلى تقرير “مؤسسة راند الأمريكية” والمنشور منذ سنوات، ماذا قالت.. وماذا خططت نحو العلماء الشرعيين..؟

والأكثر خطورة في تقرير تلك المؤسسة الأخير.. (التي غالبًا ما تَظهر آثار تقاريرها في تطبيق السياسات الأمريكية).. والذي يدعو لما يسميه “ضبط الإسلام” نفسه – وليس “الإسلاميين-..((ركزوا على المصطلح.. ضبط الإسلام))…ليكون متماشياً مع “الواقع المعاصر”

حيث يدعو التقرير للدخول في “بنية الإسلام التحتية” بهدف تكرار ما فعله الغرب مع التجربة الشيوعية، وبالتالي فهو لم يتحدث عن ضبط “الإسلاميين” أو التفريق بين مسلم معتدل ومسلم راديكالي، بل وضعهم في سلة واحدة واستهداف الجميع.!

● الخلاصة:

هذا هو المخطط في جانبه الاجتماعي والذي له جوانب أخرى لا تقلّ شأناً وخطورة عن هذا الجانب، لكنها تأتي تباعاً فإن الأول يمهد للثاني.. والثاني يمهد للثالث.. وهكذا

نعم إذا اختفت الأم الواعية المدركة، والمعلم المخلص(الذي يُرجى منه أن يُخرّج المحامي والقاضي والطبيب والمهندس والضابط… الخ)، وسقطت القدوة الحسنة، فمن الذي سيُربي النشء على القيم الصالحة؟

وبالتالي ماذا سيحل بفئة الشباب الذين يُفترض أن يشكّلوا العصب الحيوي لبناء المجتمعات..؟

نعم ذاك هو طريق هدم الأمم

فهل سنستيقظ وندرك حجم ما يُخطط لنا ويحاك..؟

*كاتب ومهتم بالشؤون السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى