مقالات

ترامب ومؤتمر البحرين وتسويق صفقة القرن

ابن بيت المقدس. محمد أسعد بيوض التميمي

كاتب ومفكر
عرض مقالات الكاتب

منذ أن أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات تقريباً وهو يعلن عن مواقف ومبادرات وتصريحات سياسية ليس عبر القنوات الرسمية كما هو الحال في عهد جميع رؤساء أمريكا وإنما عبر التويتر وبطريقة استعراضية فجة وكثيرا ما تكون متناقضة وكثيرا ما يتراجع عنها ودون أن يأخذ المؤسسات الأمريكية العميقة التي تصنع سياسات وإستراتيجيات الولايات المتحدة بالاعتبار مما احدث لديها ارتباك حيث أن كثيرا ما كانت تصريحاته ومواقفه مناقضة لسياسات واستراتيجيات هذه المؤسسات التي هي سياسات واستراتيجيات الولايات المتحدة التي يلتزم بها جميع الرؤساء سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين فهو  يحاول أن يظهر نفسه كرئيس استثنائي للولايات المتحدة الأمريكية ليس له مثيل لا في السابق ولا في اللاحق وبأنه أقوى من هذه المؤسسات مجتمعة حتى أنه كثيراً ما شككَ فيها وتطاول عليها سواء على مجلس الكونغرس الشيوخ والنواب  والمؤسسات الأمنيةCIA وFBI  وعلى المؤسسات الصحفية العريقة وحتى أنه يتطاول على الوزراء وكبار المسؤولين بل ويفاجئهم بالعزل عبر تغريدة على تويتر كما حصل مع وزير الخارجية والعدل والدفاع وFBI  رغم أنه هو الذي قام بتعينهم  وهذا ما يفسر تركهم لمناصبهم  بالتعاقب السريع حتى انه دخل موسوعة غينيس بتعين وعزل الوزراء والمسؤولين  فهو واضح بأنه يعاني من جنون العظمة  و لا يتمتع بأي موهبة أو  ثقافة سياسية  وبأنه رغم أنه من الحزب الجمهوري فهو خارج المنظومة  الحزبية التاريخية للحزبين الرئيسيين في أمريكا الديمقراطي والجمهوري اللذان تاريخيا يأتي منهما رؤساء الولايات المتحدة الذين تعاقبوا على البيت الأبيض خلال المئتين وخمسين عاما الماضية تقريبا  بداية من أول رئيس جورج واشنطن 1789-1797

فترامب ظاهرة سياسية أظهرت مدى هشاشة المؤسسات السيادية الأمريكية فهي تقف عاجزة أمام مواقفه وعن لجم تصرفاته الغريبة حتى أنها غير قادرة على إسقاطه رغم ثبوت التهمة عليه بالتعاون مع روسيا لإنجاحه في الانتخابات وإسقاط هيلاري كلينتون فهو يتصرف كبلطجي وليس كرئيس لأكبر دولة في العالم وبعقلية تاجر عقارات والرقيق الأبيض وبدون دهاء ولا ذكاء فهو في الحقيقة يعبر عن حقيقة الولايات المتحدة

ولكن ما كان يفعله ويقوله رؤساء الولايات المتحدة من قبله بدهاء وذكاء بالسر والعلن وبالخداع هو يقوله ويفعله بالعلن بل وبمنتهى الوقاحة والعجرفة والغطرسة والبلطجة غير مكترث بمن يصطدم ولا بمن يرتطم حتى انه في يوم قسم يمين الرئاسة هاجم جميع رؤساء الولايات المتحدة  الذين سبقوه الأموات منهم وهاجم الأحياء الذين كانوا يحضرون الحفل وصب جام غضبه على أوباما أخر رئيس قبله واتهمهم جميعا بأنهم فاسدون ودمروا الولايات المتحدة  وكانوا مغتصبين للسلطة وبأنه أعاد السلطة إلى الشعب وهو المنقذ الذي بعثه الرب لإنقاذ الولايات المتحدة وبأنه سيعيد النظر في تعامل الولايات المتحدة مع  حلفائها ومع عملائها وخصوصا الدول البترولية وقال عنهم في برنامجه الانتخابي بأنهم ليسوا إلا بقرة حلوب فعندما سيصبح رئيسا سيحلب هذه البقرة فإذا جف حليبها نقوم بذبحها والتخلص منها وبالفعل فما أن اصبح رئيسا حتى بدأ ينفذ ما قاله  وبكل تفاخر وتبجح فهو دائما يتفاخر ويتبجح في اللقاءات الجماهيرية كيف يتعامل مع هؤلاء البتروليين بمنتهى الاحتقار والإذلال وكيف يأمرهم بتغريدة على تويتر بدفع المليارات مقابل حمايتهم وبقاءهم على عروشهم

وكيف يكونوا فرحين وسعداء بذلك وكيف لا يستطيعون أن يقولوا له أوف بل وصل به الأمر أنه يهينهم ويذلهم أمام شاشات التلفزيون والكاميرات والعالم وشعوبهم وهو يستقبلهم في البيت الأبيض ويعرض عليهم بيعهم الأسلحة كأنه يبيع لعب لأطفال وهم يبتسمون فرحون بإهانته وإذلاله لهم.

صفقة القرن

ومن شطحات واستعراضات ترامب والتي يريد أن يدخل بها التاريخ كبطل من أبطال بني إسرائيل  القيام  بشطب الشعب الفلسطيني وقضيته من الوجود بموجب صفقة مالية  سماها  صفقة القرن يتم بموجبها دفع بضعة دريهمات نجسة   لمن يهمه الأمر وأولهم الشعب الفلسطيني مقابل التنازل عن وطنه تنازلا شاملا كاملا وهي صفقة نابعة من ثقافته وطبيعة عمله كتاجر رقيق ابيض من خلال سلسلة  ملاهي ليلية ومواخير يعقد من خلالها مع زبائنه الصفقات فهو من واقع ثقافته هذه ظن بأن قضية فلسطين ممكن أن ينهيها بعقد صفقة مع بعض عملاء أمريكا ببضعة مليارات وبثمن بخس لا يدفع منها قرشا واحدا  .

بل من ستدفعها دول الخليج البترولية وعلى هذا الأساس تم توكيل هذه الدول ليكونوا سماسرة للصفقة ولتسويقها ومساومة الأطراف المعنية وإغراءهم بالمليارات ومن أجل هذه الغاية قام ترامب بتوكيل زوج ابنته المستوطن الصهيوني جاريد كوشنير  والصهيوني جيسون غرينبلات مبعوثه للشرق الأوسط  بالدعوة لعقد مؤتمر في البحرين بتاريخ 25-26/6 حزيران الحالي 2019 تحضره إسرائيل والدول العربية وبرعاية  أمريكية لعقد هذه الصفقة وقيمة هذه الصفقة  50 مليار تدفع للسلطة الفلسطينية والأردن ومصر ولبنان مقابل الموافقة على التوقيع على مخالصة تاريخية مع الكيان الصهيوني يتم بموجبها التنازل لهذا الكيان عن فلسطين التاريخية وعن  القدس وعن عودة اللاجئين وعن إقامة دولة فلسطينية وإبقاء المستعمرات وضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني وإلغاء وجود الشعب الفلسطيني وتحويله إلى  سكان مناطق في الكيان الصهيوني لا يرتقون إلى مستوى شعب كالهنود الحمر يمنحون  بعض صلاحيات الأعمال البلدية وتنظيف الشوارع في مناطقهم المعزولة كما كان الأمر في جنوب أفريقيا الأبارتيد  ولقد أبدت الدول البترولية الخليجية  التي وكلت بإتمام هذه الصفقة ودفع قيمتها حماساً منقطع النظير لها  واستعدادها لتمويلها وكيف لا وقد دفعت احدى هذه الدول ما يقرب تريليون دولار كجزية لترامب حتى تحل عليها بركاته وينال حكامها  رضاه ورضا زوجته  ورضا ابنته افانكا وزوجها  حتى يبقيهم  على عروشهم فلا ينفذ تهديداته  التي يطلقها كل يوم وفي كل مناسبة  ومن اجل ذلك أيضا دفعت هذه الدولة  500 مليون ثمن لوحة مزيفة لعقيدة التثليث ولم يعرف البائع ولكن عرف المشتري وقامت هذه الدول البترولية  بتنفيذ بعض بنود هذه الصفقة قبل أن يتم الإعلان عنها فهم يسارعون الآن بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وأخذوا يسوقون هذه الصفقة في إعلامهم وتهيئة الرأي العام في دولهم للقبول بها حتى انهم يتهمون بأن الشعب الفلسطيني هو المعتدي على الكيان الصهيوني وبأنه ينازع الصهاينة بحقهم التاريخي في فلسطين وأن الشعب الفلسطيني لا يستحق الحياة فهو خطر على استقرار العالم ولا يوجد في التاريخ شيء اسمه الدولة الفلسطينية أما إسرائيل فهي دولة موجودة

ولكن ترامب الأحمق الجاهل تاجر الرقيق الأبيض وصبيته البتروليين الجهلة  الذين يستخدمهم  لا يعلمون بأنه  منذ احتلال بريطانيا لفلسطين عام 1918 والقضية الفلسطينية تعرض في سوق التنزيلات الدولية وصدرت عشرات المبادرات والقرارات الدولية وتعرضت لأضخم المؤامرات  من أجل تصفيتها ولكن إن ربك لبالمرصاد فأفشلها جميعها ثم بإرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني وبتضحياته حيث قدم  عشرات الألوف من الشهداء والجرحى والأسرى والملايين من المشردين  ولا زال يقدم وها هي السلطة الفلسطينية أمام رفض الشعب الفلسطيني لهذه الصفقة رفضا مطلقا  تخضع لإرادة الشعب الفلسطيني فترفض هذه الصفقة وترفض حضور مؤتمر البحرين مما اربك أمريكا ومن سيحضرون المؤتمر ومن يسوقونه ويسمسرون له حتى اخذوا يتوسلون للسلطة بأن تحضر ولكن السلطة مصرة على رفض خوفا من انتفاض الشعب الفلسطيني في وجهها

 فلا ترامب ولا صبيانه الجهلة يستطيعوا أن يتجاوزوا الشعب الفلسطيني ولا تجاوز المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها أو ويفرضوا إرادتهم عليهم

فيا أيها الجاهلون الحمقى الأغبياء القدس توأم مكة والمدينة  وفلسطين أرض مباركة فهي ليست سلعة للبيع أو المبادلة  فهي أرض الإسلام حاضنة أولى القبلتين ومسرى محمد صلى الله عليه وسلم وثالث مساجد المسلمين فهي ملك المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها الأموات منهم والأحياء وليست ملك الشعب الفلسطيني وحده ففلسطين ليست سلعة لعقد الصفقات عليها ولا بديل عنها إلا الجنة وهي للمسلمين وكل ذرة تراب فيها لنا وهي مسجلة في اعظم وثيقة ربانية غير قابلة للتبديل والتغير وهي كتاب ربنا المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فمن يستطيع أن يلغي هذه الوثيقة وهذا التسجيل مهما أوتي من مال وقوة (لا مبدل لكلماته ) وعليك أيها الأحمق الجاهل المتغطرس أن  تعلم  بأن الصليبيين أجدادك جاءونا يوما غزاة  وكان  المسلمون في حالة ضعف كما هو حالهم الأن فاحتلوا القدس مئة عام وبقوا في بقية فلسطين وبعض أجزاء بلاد الشام مئتي عام ولكن كان مصيرهم الزوال واصبحوا من مخلفات التاريخ  

فحتى تتم هذه الصفقة وتصبح شرعية وقانونية يجب أن يوقع عليها من يملكون فلسطين وهم بداية من محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم بداية من فاتحها عمر بن الخطاب ومعه قادة فتح بلاد الشام خالد وأبي عبيدة وعمر بن العاص ومعاذ بن جبل ثم يوقع عليها الزنكيين وصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من الصليبيين وجميع الذين استشهدوا في حطين وبيبرس وقطز وبن قلاوون وجميع سلاطين بني عثمان وآخرهم السلطان عبد الحميد ثم جميع الأحياء من المسلمين في مشِارق الأرض ومغاربها.

وأنت تعلم علم اليقين يا ترامب أيها المعتوه  بأن من  يسمسرون ويدللون ويسوقون  لك الصفقة هم غير ذي صلة  فلا يمثلون إلا أنفسهم لأنهم فاقدون للشرعية فشرعيتهم يستمدونها منك و والدليل على ذلك هو أنك  تعيد وتزيد كل يوم  كما ذكرنا سابقا قائلا لهم بكل استخفاف وإذلال وإهانة لا تستطيعون أن تبقوا على عروشكم دقائق معدودة اذا رفعت حمايتي عنكم  لذلك نتيجة عدم شرعيتهم  تجدهم يتسابقون على كسب رضاك ولا يعصون لك  أمرا  فأنت  ربهم الأعلى يخشون عذابك ويتقون غضبك وأنت  حسب شرعهم ولي أمرهم لا يجوز مخالفة أمرك وحتى ولو أمرتهم بأن  يتجردوا حتى من ورقة التوت ويرقصوا مثل القرود وإعلان حربا بلا هوادة  على الإسلام والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وتحليل كل ما حرمه الله  وتحريم كل ما أحله وهاهم بفضلك يجعلون من دولهم ودويلاتهم  مواخير وملاهي ليلية تنشر الرذيلة وتكريم العاهرات وإذلال كل من يدعو إلى الله ويقول ربي الله وإلقاءهم في السجون والمعتقلات وقتلهم دون شفقة ولا رحمة وهم فاعلون ذلك بتسارع اكثر مما تريد ضاربين عرض  الحائط بمشاعر المسلمين فالمهم رضاك عنهم وإدخالهم في ملكوتك  فكيف لا يبيعونك فلسطين والقدس

 ولكن حكام هذا حالهم فاقدين للشرعية فأي قيمة أو اعتبار لتوقيعهم فكما قلنا لكم يا ترامب أيها الجاهل الأحمق فيما تقدم من المقال إن صفقتكم التي أوحى إليك بها الشيطان وحقدك على الإسلام والمسلمين وجنون العظمة وخيالك المريض وجهلك المستفحل وبأنك على كل شيء قدير لن تنجح إلا إذا جمعت تواقيع من ذكرناهم أعلاه من المسلمين فهل تستطيع بقوتك وأموالك وأموال صبيانك أن تجمع تواقيعهم لذلك نقول لك ضع صفقتك في دبرك

وعليك أن تعلم بأننا على موعد مع الصفقة الربانية لدخول القدس ومسجدنا الأقصى قبلتنا الأولى وثالث مساجدنا مهللين ومكبرين كما دخلناه أول مرة وهذه الصفقة ستكون مع عباد الله الذين سيبعثهم الله لتحرير بيت المقدس وفلسطين فلا بد من القدس وعكا وكل فلسطين مهما طال المشوار أما أنت يا ترامب وصفقتك وصبيانك إلى مزبلة التاريخ.

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى