مقالات

كيف كانت الثورة، ولماذا ثار السوريون؟





مذكرات العقيد رياض الأسعد*

تنويه ينفرد موقع رسالة بوست بنشر مذكرات العقيد رياض الأسعد.

الحلقة الأولى:

عندما انطلقت المظاهرات في تونس بدأ الكثيرون من السوريين ترقب الأمر والتمني بانطلاق ثورة في سورية، وبدأت الأحاديث تدور بين الكثير من الأصدقاء والإخوة حول ضرورة التغيير في سورية، وبدأ الحديث يزداد يوماً بعد يوم ولكن بشكل سري حتى أقرب الناس –نظراً للقبضة الأمنية التي يفرضها النظام، وعدم ثقة الناس ببعضهم  بعضاً- وبعد أن انتقلت  الثورة إلى مصر “الدولة الأكبر عربياً” ومن ثم إلى ليبيا المشابهة لحالنا في الأمن والاستبداد بدأ الأحرار في سوريا يتنفسون الصعداء وقلوبهم تلهث ونفوسهم تتوق للقيام ضد نظام الأسد وزادت تحركات الأمن بشكل كبير بين الناس حتى وصل الأمر إلى الجيش فزادت المراقبة وبدأ الجواسيس ينشطون بالمراقبة للضباط وصف الضباط والأفراد وزاد التضييق فأصبحت أي كلمة محسوبة وتم إصدار أوامر بعدم مشاهدة القنوات التلفزيونية سوى السورية فقط وأعطيت التوجيهات بنزع “الدشات” إن وجدت حتى يوم 15 آذار 2011 خرجت مجموعة أمام وزارة الداخلية وسوق الحميدية احتجاجاً على تصرفات الأمن والشرطة وتم قمعها والتعامل معها بكل وحشية وفي 18 آذار 2011 تم اعتقال أطفال درعا لأنهم كتبوا على جدران المدرسة “إجاك الدور يا دكتور” وتم تشكيل وفد من وجهاء درعا وذهبوا لمقابلة “العميد عاطف نجيب” رئيس فرع الأمن السياسي من أجل الإفراج عن الأطفال ولكن جاء الرد قاسياً من قبل العميد المجرم عاطف نجيب وقال لهم كلمته المشهورة: انسوا الأولاد وإذا ما عندكم “زلم ابعتوا نسوانكم نحن عندنا زلم بتجبلكم ولاد” فساد الغضب لأهلنا في درعا، وخرجوا بمظاهرة احتجاجاً على اعتقال الأطفال وعلى كلام عاطف نجيب لهم، فتحرك الشارع بمظاهرة ضخمة وبدأت المظاهرات تنطلق رويداً رويداً في بعض المحافظات وقراها نصرة لدرعا وكانت هتافاتهم “يا درعا نحنا معاكِ للموت” وأتى الرد سريعاً من قبل قوات أمن النظام وجيشه بالتعامل مع المظاهرات بالعنف،  فتم قتل حمزة الخطيب في درعا والتمثيل بجثته حتى تم قطع عضوه الذكري وقتلوا الطفلة هاجر واقتحموا الجامع العمري وارتكبوا مجزرة وقام عناصر الجيش والأمن بتدنيس حرمة الجامع والاستهزاء بالصلاة وشعائر العبادة في حرم الجامع ووضع الأمن السلاح في الجامع وأتوا بقناة الدنيا لتصور على أنّ الإرهابيين وضعوا السلاح في الجامع وبدأ إعلام النظام بشنّ حملة تخويف للرأي العام الشعبي ويروج على أنّ من قام بالمظاهرات إرهابيون بل وصل الاستخفاف بالرأي العام أنّ  الطفل “حمزة الخطيب” كان إرهابياً, وكان يشنّ هجوماً على المساكن العسكرية!

وحين اللحظات الأولى للمظاهرات بدأ إعلام النظام بفبركة الأحداث وتشويه الحقائق ويصف المتظاهرين بالجماعات الإرهابية والمندسّين، وحتى النشرات السياسية والعسكرية كانت تقرأ في الاجتماع الصباحي لكافة صنوف الجيش بأنّ إرهابيين تسللوا إلى سورية، وأنّ سعد الحريري يشرف على إدخالهم وأنّ بندر بن سلطان وزير دفاع السعودية يقود العمليات! وأصدر النظام أكثر من تعميم على أنهم ألقوا القبض على “بندر وسعد الحريري” في بانياس!

ظلّ العساكر والضباط لا يعلمون ما يجري في سورية أو لنَقلْ إنّهم عزلوا وجرت محاولة تنميطهم وفق رؤية النظام، ومحاولة شحنهم للدفاع ضدّ العصابات الإرهابية التي تهدد الوطن لصالح إسرائيل والسعودية وقطر!

وكي يتمّ هذا كان التشديد على المبيت، وأعلنت حالة الاستنفار في الجيش والأمن وتم سحب السلاح الفردي من الضباط السنة حتى المسدس!

والحقيقة كانت حالة من القلق والخوف تسود الموقف من هو مع المظاهرات ضمنياً ومن هم محسوبون على النظام وكان التوتر سيد الموقف لدى الجميع لا أحد يستطيع البوح ما بداخله لأقرب الناس له وأعز أصدقائه، وكان أيّ تحرك أو كلمة أو تصرف يحسب على المنتسب للمؤسسة العسكرية وربما يودي به.

وزادت التوجيهات والتحريض ضدّ المظاهرات على أنهم أعداء الوطن، وبدأت ظاهرة “الشبيحة” تتفاعل، وقد ظهرت ميليشيا بالساحل بقيادة “معراج أورال المعروف بعلي كيال” وهو من الطائفة من لواء إسكندرون ويحمل جنسية تركية حيث   ارتكبوا أفظع مجزرة في التاريخ بحق أهلنا في قرية البيضة ببانياس حيث تم قتل كافة أهالي القرية صغيراً وكبيراً طفلاً وامرأة، وتمّ تقطيعهم بالسكاكين والفؤوس ولم ينجُ أحد من القرية.

فكان الحقد سيد الموقف لشبيحة العصابة ضباطاً وقادة وصف ضباط وعساكر ورجال أمن.

*قائد ومؤسس الجيش السوري الحر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى