ثقافة وأدب

تهميشُ الدّورِ الثّقافي الرّيادي للمرأةِ العربيةِ؛ نازكُ الملائكة انموذجاً

كوكب داود سالم- جامعة تكريت

الملخص:  

لا يختلف اثنان على إنّ الشّعر العربي هو الصّورة الثّقافية المهمينة على حقل الثّقافة العربية منذ عصور ما قبل الإسلام وحتّى وقتنا الحاضر، فقد تفوق الشّعر في حفظ تاريخ العرب وأيامهم على نظيره النّثر الذي اشتمل على فنون السّرد والخطابة والمقامة …الخ. ولكن الاختلاف القائم الآن هو مكانة المرأة ودورها الفعّال في الابتكار الثقافي ( وأخصّ الشّعر)، فأغلب العاملين في الحقل الثّقافي ينكرون دور المرأة الشّاعرة في مسيرة الشّعر العربي، ويعمدون الى التّقليل من شأن ما جادت به قريحتهاوخيالها الجامح ، متكئين برأيهم هذا على قلة دواوين الشّاعرات على مرّ العصور متناسين أنّ المجتمع الذّكوري الذي نشأت به المرأة العربية قد همّش وأهمل الكثير من شعر الشّواعر العربيات فضاع ، ولم يحفظ لنا من دواوين الشّاعرات سوى ديوان الخنساء ،وليلى الأخيلية ،وعلية بنت المهدي ، رغم اعتراف الشّاعر أبو نؤاس بأنّه لم يقرض الشّعر الا بعد أن قرأ لستين شاعرةعربية .

وفي العصر الحديث ، وفي خضم الأحداث المتسارعة والمتلاطمة  في بدايات القرن العشرين، ومن بين صراعات التّيارات الفكرية والثقافية الأصيلة والدّخيلة  ظهرت شاعرة عربية رائدة ملهمة بهية متفوقة حاولت أن تجدد في شكل القصيدة العربية وتمنحها مساحة أكبر من التّعبير عن العواطف والهواجس والرؤى هي الشّاعرة نازك الملائكة، ونجحت إلى حد كبير في رسم معالم القصيدة العربية الحديثة وملامحها ولكن تأبى ذكورية الوسط الثقافي العربي الا ان تحاول أن تسحب بساط ريادتها لحركة الشعر الحر رغم أنها تفردت في أسلوبها وفي مدرستها النقدية ،فكان كتابها ( قضايا الشّعر المعاصر) والذي لم يسلم من تجريح النقاد والكتّاب   أهم كتاب نقدي في القرن العشرين

المقدمة:

منذ أن نشرت نازك الملائكة قصيدتها (الكوليرا) في العام 1947 ، والقصيدة العربية الحديثة تحت مجهر ضوء النّقاش والبحث والتّقصي ، وحالة من التّجاذب بين السّخطِ والرّضا ، والقبول والرّفض ، بل يبدو الشّعر العربي قد غادر حالة الهدوء والرّكود التي مرّت به منذ احتلال هولاكو لبغداد وحتى مطالع القرن العشرين ومنتصفه.

ورغم كل الآراء المتضادّة التي رافقت مسيرة الشّاعرة الكبيرة الرّاحلة ، والرّائدة في عصرنا الشّعري الحديث ، منذ ديوانها الأوّل عاشقة الليل في العام 1947 ؛ فلا يمكن لكل ذي قلم منصف أن يجحد ريادتها لحركة التجديد في الشعر العربي ،أو يبخس مستوى شاعريتها المتدفقة ، أو يحجم من طاقتها الهائلة في دراسة النّصوص وتحليلها، ودراسة ما تعانيه المجتمعات العربية  بنظرة ثاقبة، وبلا تردد أو تزويق للواقع الذي جاهدت من خلال كتابها ( التّجزيئية في المجتمع العربي) أن تقود المجتمعات العربية كي تثور على حالة الجمود والتقليد الأعمى للغرب ، وحالة الانقسام العاطفي والفكري الذي يعانيه الفرد العربي. إنّها امرأةٌ أديبةٌ ومفكرةٌ من الطّراز الرّفيع، وعاشقة للحرف العربي ، وللغة العربية ،وتراث العروبة، وساعية لنشر الوعي والحب لهذا التّراث الذي خلّفه لنا الأجداد ، والانتماء إليه كوطن لا يحقّ للفرد العربي أن يفرط به مهما  طالت أعوام الرّماد وكبرت شِدّة البلاء1. وبين هذا وذاك هي امرأة ثائرة ؛ورثت الثّورة عن طريق اسمها نازك الذي أسماه إيّاها جدّها تيمناً بالثّائرة السّورية – نازك العابد – ضد الاحتلال الفرنسي لسورية العربية2. وهي امرأة شاعرة تهمّها قضايا أمتّها المصيرية، (وبالأخص القضية الفلسطينية )وتساندها في قصائدها ومقالاتها ومواقفها ما استطاعت الى ذلك سبيلا. فكانت مثالا للمرأة العربية المبدعة التي أنفت رغد العيش ودلاله وانتقدت حالة التّبذير التي بدأت تتسلل للمجتمع العربي ؛ فتبعده عن الاستعداد النّفسي والرّوحي للإنتصار لقضية العرب المركزية في فلسطين العربية .

أولا :-

نازك الملائكة ،الإبداع المنسي والأحكام الجائرة

   كانت وفاة الشّاعرة نازك الملائكة بعثاً جديداً لها ؛قد حرّك رمال نسيانها المتعمد وتغييبها الجائر ، هذا الجور الذي استمر حتى بعد وفاتها رحمها الله الى الحد الذي تصّرح بين الحين والآخر بعض (متشاعرات) اليوم بأنهن أكثر شاعرية من نازك الملائكة متناسيات أنّ المقارنة الحقّة بين شاعرتين تستوجب انتمائهما للحقبة الزّمنية ذاتها. أو القول أنّها ليست بقامة شعرية مثل السّياب والبياتي !! رغم اعتراف البياتي للكاتب صلاح حسن :(أن نازك الملائكة هي أول من كتب القصيدة الحرة في العراق)3.

وسأستعرض هنا عددا من الأحكام الجائرة التي رافقت مسيرة الشّاعرة الرّائدة:

أسطورة الحزن  

   أوّل الأحكام الجائرة التي تلقتها ،ومازالت تتلقاها هو وصف النّاقد إحسان عبّاس لها بـ( كنائحة علي ميت موهوم في مأتم دائم) 4، وأرى في هذه الجملة تعبيراً ساخراً مطويا بين الحروف، بل وينقصه التّهذيب ، فلن يضرّ النّاقد أمراً لو وصفها بـ (شاعرة الحزنِ ) كما وصفتها النّاقدة السّعودية حصة السّبيعي في رسالتها لنيل شهادة الماجستير الموسومة بـ (أسلوب التّشخيص في شعر نازك الملائكة )، والذي درست به عملية أنسنة نازك لكل الموجودات والمخلوقات والظّواهر الطّبيعية ، ونقلت كل العوالم إلى العالم الإنساني

فتستعير منه كل ما يخصه لتغدو في قالب إنساني حي؛ فكمية الحزن في شعر نازك لاتعد مثلبة؛ فلكل شاعر خطّه واتجاهه الشّعري، والشّعر العربي ضمّ الاف الشّعراء؛ منهم المدّاح ، ومنهم الحكيم …فهل نعيب على أبي نواس خمرياته ؟أم نعيب على الشّافعي حكمته ؛ أم نعيب على مجنون ليلى جنونه، وعلى الخنساء رثائياتها لصخر؟ وعلى ابراهيم ناجي يأسه وعلى نزار جرأته . وكيف يطلبون منها الكتابة عن الفرح وهي المثقفة الواعية المضرّجة بهموم مجتمعها وأمتها ونكبة العرب بفلسطين وآلام الحرب العالمية الثانية التي ألقت بظلها الكئيب على المجتمع العالمي أجمعه، وهي الفتاة الشّابة التي تتوق للحب والحرية فلا تجد لهما سبيلا بين جدران المجتمع المحافظ . وهناك أمرٌ لافت للانتباه ؛ أنّها كتبت أول قصيدة تفعيلة لها وهي (الكوليرا) في العام 1947 عندما تواردت الأنباء عن ضحايا مرض الكوليرا في مصر5؛ فأيّ هلع على اشقائها المصريين هذا الذي  عصف بكيان هذه الشّاعرة الحسّاسة ؟، وأي إحساس عميق بآهات المرضى وذويهم جعلها تثور على النّمط الكلاسيكي للشّعر فتحدث هذا الزلزال في تاريخ الشّعر العربي ؟  إذن فقد كانت مكلومة الفؤاد تجاه مصيبة الكوليرا، بل أراها في خاطري كالطّفل المصدوم من موت أول عصفور يقع في غرامه.

وفي تعبير عن معنى الفرح؛ يقول الشّاعر الفلسطيني الرّاحل محمود درويش في كتابه ( يوميات الحزن العادي)6: أنّ الفرح هو ممارسة الخيانة مع الواقع، ولأنّها مضرّجة بجراح الأمّة، ودوّامات الواقع الإجتماعي المنهك ، والنّزاعات العالمية التي تركت غطاءً كثيفا من السّحب على آفاق الأمل  التي تعيش بها، ووفاة والدتها المبكّر، وانتقالها من بيت طفولتها على ضفاف دجلة في منطقة (العاقولية) حيث الماء والنّضرة إلى منطقة على حدود الكرّادة موحشة الليل ؛ كلّها عوامل أججتْ نزعة الكتابة بقلب حزين في ديوانها عاشقة الليل وشظايا ورماد قبل أن يغمر أنوار الأمل سطور شعرها في قصائد من ديوان شجرة القمر 7، فتقول:

سأبقى تجاذبني الأمنيات… إلى الأفق السّرمدي البعيد

وأحلم أحلم لا أستفيـ …قـ الا لأحلم حلما جديد

وفي قصيدة ثورة على الشّمس نجدها ثائرة ، متمردة القلب وكأن روح الثّائرة السّورية نازك العابد قد تملكتها فتقول:

وقَفَتْ أمام الشمــس صارخـةً بها يا شمسُ، مثلُكِ قلبيَ المتمــــرِّدُ
قلبي الذي جَرَفَ الحياةَ شبابُـــهُ وَسقَى النجـــومَ ضياؤه المتجدِّدُ
مهلاً ، ولا يخـدعْكِ حـزنٌ جائرٌ في مقلتيَّ ، ودمعـــــةٌ تتنّهدُ
فالحزنُ صورةُ ثورتـي وتمـرُّدي تحت الليالي ؛ والألوهةُ تَشْهـــدُ
**** ****
مَهْلاً ولا يخدَعْكِ حزنُ ملامحــي وشُحوبُ لوني وارتعاشُ عواطفـي
واذا لمحتِ على جبيني حَيْرتــي وسُطورَ حزني الشاعريِّ الجارفِ
فهو الشعورُ يُثيرُ في نفسي الأَسى والدمع في هول الحياةِ العاصفِ

 فالحزن قد اتخذ في أعمالها الشّعرية طريقا فلسفيا، وتجسد الحزن الشّجي الرّقيق الذي يتبدى في تلك الرّوح الشّاعرة، والنّفس الرّومانسية التي يشعّ منها الحزن مرتديا أسىً ضبابياً، وأجدُ أنَّ اتهامها بالإفراط بالحزن هو اتهام مبالغ به ، فهي متمردة ثائرة فتقول :

الليل يسأل من أنا؟

أنا سرّه العميق الأسودُ

أنا صمته المتمرد

والدّهر يسأل من أنا

أنا مثله جبارة أطوي العصور

….الخ

ولا ننسى  فهناك قصائد لعدد من مجايليها وأخصّ السّياب بالذّكر قد فاق حزنه حزنها في بعض القصائد مثل حفّار القبور والسّوق القديم والمومس العمياء.

ثانيا:-

محاولة خطف الرّيادة : لم يقتصر الأمر على سخرية إحسان عبّاس ، فها هو الشّاعر مصطفى جمال الدّين يقلل من أهمية قصيدة (الكوليرا) كمشروع تجديد في القصيدة العربية ، فنراه يقول في كتابه ( الإيقاع في الشّعر العربي) من البيت إلى التّفعيلة: إن قصيدة الكوليرا ليست شعرا بالمعنى الذي نعرفه اليوم عن الشعر الحر من عدم التقيد بنظام لعدد التفعيلات والقوافي وإنما هي موشحة ذات أدوار أربعة ، يتألف كل دور من ثلاثة عشر شطرا مختلفة التفاعيل … الخ،8

وعندما درستُ بنية الموشّح ، وحاولتُ المقارنة بين بنيته وعدد تفعيلاته مع عدد تفعيلات القصيدة وجدت مايأتي :

أتفق الوشّاحون وعلى رأسهم ابن سناء الملك أن عدد أدوار الموشّح يجب أن لا تقل عن خمسة أدوار أو ستة، وأن عدد الأشطر تحدد نوع الموشح فيما إذا كان مخمس أو مسبع أو معشر؛ حيث أن أكبر عدد للأشطر هو في المعشّر الذي يتألف من ستة أشطر أما عدد أقفاله فللا تختلف عن عدد أقفال المسبع وهي أربعة أشطر وبذلك فيكون لدينا عشرة أشطر ، واشترط الوشّاحون تساوي عدد الأعاريض وأوزانها في كل دور9 وقصيدة الكوليرا اختلفت في عدد التفعيلات في كلّ سطر.

 ثم أنكر ريادة نازك أو السّياب لهذا النّوع من التّجديد واضاف أن البند هو الذي سبق الشّعر الحر رغم أن البند يتراوح ايقاعه بين الرّمل والهزج وتحت شروط معينة للانتقال بين هذين البحرين ، وأوضح أنّه يحكم قضية الريادة لبدر شاكر السياب لأنه حاول كتابة الشعر الحر على البحور الممزوجة. وفي هذا الأمر غبن جديد لنازك الملائكة ؛ فقد ابتدعت وزناً جديدا مستمداً من مخلع البسيط؛ سمّي بالـ (الموفور) وأضافته للبحور الصّافية كي تفتح باباً جديدا لشعراء قصيدة التّفعيلة ؛ حيث ارتأت انه بامكانية تقسيم مخلع البسيط ( مستفعلن فاعلن فعولن ) إلى تفعيلتين في الشّطر الواحد كالآتي:

مستفعلاتن مستفعلاتن …مستفعلاتن مسنفعلاتن

والفرق بين هذا الوزن الصّافي ومخلع البسيط هو زيادة حرف واحد

مستفعلاتن مفاعلاتن

مستفعلن مفاعلن فعولن10

والغريب أن مصطفى جمال الدّين الذي حكم بأنّ قصيدة الكوليرا ليست شعرا حرّا وانتقد آراء نازك الملائكة في كتاب قضايا الشّعر المعاصر قد استخدم في كتابه المذكور كل المصطلحات الجديدة التي وضعتها نازك ، مثل: الأوزان الصّافية ، الأوزان الممزوجة التشكيلات، التّماسك ، الكفاءة..الخ) . فهو لم يصبر حتى تتم عملية تشذيب هذه الحركة الشّعرية الجديدة ؛ التي قالت عنها نازك الملائكة : “إنّ الشّعر الحر شأنه شأن أيّ حركة جديدة في ميادين الفكر والحضارة قد بدأ لدِناَ حيياً مترددا، مدركاً أنّه لابد أن يحتوي على فجاجة البداية لأنّه ( تجربة )، ولن يعفيه إخلاصه وتحمسه من أن يزل إحياناً ويتخبط ، فهو تجربة جديدة لاتملك قواعد تستندإليها، والشّاعر سيخوض ميداناً جديداً قد يقضي على شاعريته.”

وبعد العاصفة الشّعرية التي ألمت بالمشهد الشّعري العربي الذّكوري وبروز اسم نازك كمنافسة لفحول الشّعراء في عصرها ، فقد شمّر الباحثون والشّعراء عن سواعدهم واستنهضوا أقلامهم ينقبّون في الجرائد القديمة عن المحاولات الأولى لكتابة قصيدة ذات بنية تركيبية جديدة ولم تخرج عن أوزان الخليل ، فكتب الباحث والمحقق هلال ناجي أن اليمني أحمد باكثير هو أول من كتب مسرحية شعرية اعتمدت أساليب الشعر الحر في تعريبه لمسرحية روميو وجوليت في العام 1937 ونشرت باسم مسرحية اخناتون ونفرتيتي عام  1940 ، ثم أضاف أن مجلة الفكر أشارت إلى أن الشّاعر بيرم التّونسي نشر في مجلة الزمان قصيدتَه (الكون) في العام 1933 .

ومع اعتزازي برأي العلامة هلال ناجي وجهوده، لكن بظنّي أن ترجمة مسرحيات شكسبير بطريقة أساليب الشّعر الحر هي حالة خاصة وتلقائية  فرضتها الجمل الشّعرية في المسرحية الأصلية المترجمة ، وحواراتها المتباينة ما بين قصر المقاطع وطولها، والاسهاب والايجاز بين أبطال مسرحيات شكسبير، وقد عرف التّاريخ الشّعر الملحمي والشّعر المسرحي الذي اعتمد على التّفعيلات المتباينة العدد في الحوارات . ولا ننسى أنّ الشّاعر بيرم التونسي هو شاعر شعبي وغنائي، وأساليب الكوبليهات المتعددة في الأغنية الواحدة تعد من وحدات بناء القصائد المغناة ، فمن الطّبيعي أن يحاول نقل بناء قصائده الشّعبية المغناة إلى القصيدة العربية الفصيحة ، مثلما يحاول بعض الشّعراء اليوم نقل بعض الأشكال في الشّعر الشّعبي إلى القصيدة الفصحى؛ فمنهم من يكتب اليوم الأبوذية والزّهيري باللغة الفصحى.

والسّؤال الذي يطرح نفسه ؛ أنّه مادامت هناك هذه المحاولات المشار إليها فلماذا لم تصبح هذه المحاولات ظاهرة شعرية عربية يتلقفها الشّعراء من مشرق الوطن العربي وحتى مغربه ؟ ولو سلّمنا بوجودها ألم تكن بحاجة لمدرسة نقدية وتحليلة تدفع بعجلة هذا النّموذج نحو الأمام حتى يصل للشّكل الذي كانت نازك تطمح بوصوله إليه ، لقد كانت تطمح أن تحافظ القافية على فخامتها في الشعر الحر ، وكانت تطمح ألا تتداخل أنواع البحر الواحد في القصيدة الواحدة – رغم أنّها كشاعرة قد استخدمت هذا الإسلوب وقالت بأنّها قد كتبتها بإذن الشّاعرة وليس بقلم النّاقدة ، وكانت تصرّ على أن هذه الحركة هي حركة عروضية وليست حركة موضوعات جديدة ، فهو لا يصلح برأيّها لمواضيع الرّثاء والفخر والمديح… كما أنّها اعترضت على الشّعراء قيامهم بكتابة أكثر من سطر كي يتمّوا المعنى ، مما حدا بها أن تتنبأ بعودة الشّعراء إلى القصيدة الخليلية. خصوصا بعدما استغل الكثير من كاتبي الشّعر الحديث خصائصه كي يمعنوا في غموض قصائدهم ممررين بعض الأفكار الغريبة عن تراث العرب الأدبي ؛ فيما كانت نازك الملائكة ذات اتجاه عربي إسلامي جيد يظهر في قصائدها ، مثل : قصيدة دكان القرائين الصّغيرة، وقصيدة زنابق صوفيّة للرّسول. ولم تتعرض للذات الآلهية كما فعل الكثير من مجايليها فكسبوا تأييد تلك الحقبة ، استغلوا زهدها الشخصي في ارتقاء المنابر وتعبئة الحشود والمريدين؛ فلم تخن نفسها، ولم تخن قضية الشّعر.

وأخيرا أكرر ما قالته الشّاعرة الكويتية سعدية المفرح أن نازك الملائكة عرابة القصيدة العربية الحديثة ، على رغم كثرة المنازعين لها والمؤيدين لهم ، الذين استكثروا عليها كامرأة أن تتفرد بهذا الحدث المزلزل في تاريخ الشعر العربي كله.

المصادر:

1الملائكة، نازك. التجزيئية في المجتمع العربي 1974 .ط1 بيروت: منشورات دار العلم للملايين.

2 السبيعي، حصة. أسلوب التشخيص في شعر نازك الملائكة، رسالة ماجستير، المملكة العربية السعودية : جامعة أم القرى 2012 .

3 شهاب، كاتيا. نازك الملائكة 2010 . ط1بيروت : مركز الدراسات والترجمة.

4- عباس، إحسان. 1955م. عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث. بيروت: لانا.

5- خاطر، محمد عبد المنعم. دراسة في شعر نازك الملائكة 1990. ط1 القاهرة : مطابع الهيئة العامة المصرية للكتاب.

6- درويش، محمود. يوميات الحزن العادي  1973ط1 بيروت : دار رياض الريس

7- الملائة ، نازك . ديوان نازك الملائكة المجلد الثاني 1997 بيروت: دار العودة

8- جمال الدّين، مصطفى. الإيقاع في الشّعر العربي 2012 ط3 بيروت: دار السلام & النّجف: المكتبة الأدبية المختصة

9- البصير، محمد مهدي . الموشح في الأندلس وفي المشرق 1948 ط1 ، بغداد: مطبعة المعارف.

10- إبراهيم، هيام عبدالكاظم. بواكير حركة الشعر عند الرواد ين التأثر والتأثير  (نازك الملائكة والسياب ) أنموذجا 2015 العدد العشرون ، مجلة كمية التربية / جامعة واسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى