بحوث ودراسات

المظلومية التي وقعت على محافظة الحسكة السورية

الباحث المحامي ياسر العمر

محامٍ وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

محافظة الحسكة من المحافظات السورية والتي تكالبت عليها الدول العظمى عندما قامت الثورة السورية نظرًا لوضعها الاجتماعي والاقتصادي والذي شجع الكثير من الدول ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية لتكون من الكعكة التي انفردت بها بالاشتراك مع عصابات قنديل القادمة من الجبال التركية المتاخمة للحدود السورية مستغلة طموحات بعضٍ من الأكراد السوريين لسلخ هذه المنطقة عن سورية لتأسيس كيان كردي مستقل, بالرغم من أن هذه المنطقة عربية الأصل، واننا سنسلط الضوء على هذه المنطقة من سورية وإظهار حقيقتها في العصر الحديث في القرن التاسع عشر والعشرين والتي كانت تتبع لواء دير الزور.

” لواء دير الزُّور والفرات والجزيرة أراضي مترامية الأطراف، كانت ولاية من ولايات العرب … والجزيرة لها أسماء قديمة مشهورة منها ديار ربيعة وديار مضر. خلصت الجزيرة للعرب إلى يومنا هذا إلا بعض القرى الشِّماليَّة الشَّرقيَّة حيث يقطن بعض العشائر الكرديَّة، وعدد كبيرٌ من القرى الواقعة شمالي سكَّة بغداد الحديديَّة فإنَّها ظلَّت بيد التُّرك وهم جادون في تتريك سكَّانها.

 “مركز اللُّواء دير الزور وهي مدينة صغيرة على ضفَّة الفرات الغربيَّة لا يزيد سكَّانها على 20 ألف نسمة، ويقسم اللُّواء إلى خمسة أقضية وهي الميادين والبوكمال والرَّقَّة والحسكة والقامشلي.” أمَّا الخابور فأهمَّ قراه من الجنوب إلى الشِّمال: البصيرة، الصور، الفدغمي، الشَّدادي، الحسكة، تلِّ الرمان، المجدل، رأس العين. وأهم قرى البليخ: خربة الرُّز وتلِّ السَّمن والتَّلِّ الأبيض. ولا يزيد عدد نواعير الخابور على 150 ناعورة، تسقي كلَّ واحدة منها 200-300 دونم. أما حدود اللواء الطبيعية، شمالا: ديار بكر، ماردين، وأورفه وقسم من حلب، غربا: حماه وحمص وتدمر والشام. جنوباً: قسماً من الشام وحكومة الأردن ثم تتصل بحدود العراق عنه التابعة بغداد. شرقاً: أيضاً بغداد والموصل …. مساحة لواء دير الزور التقريبية شامية وجزيرة تبلغ ستون ألف كيلومتر مربع على الأقل)

وفي القامشلي عدد كبير من القرى مثل القرمانية، وكرو، وعاموده، والعرادة، والتَّنويه وعشرات غيرها”)) وتحدَّثت الكاتبة البريطانيَّة الشَّهيرة أجاثا كريستي عن الجزيرة السُّوريَّة وعن نهر الجقجق وعن ليالي نهر الخابور، وقامت بوصف قرى الحسكة والقامشلي والمناسف والقهوة العربيَّة الَّتي تقدَّم في الجزيرة السُّوريَّة.  

قبل الحرب العالميَّة الأولى بين عامي ( 1914- 1918 م)كانت العشرات من القرى المنتشرة في مناطق الحسكة والمحيطة بمدينة القامشلي قبل نشوئها عامرة مسكونة يعيش غالبية أبنائها على الزِّراعة والتِّجارة, ونتيجة للأحداث السِّياسيَّة الَّتي عصفت بالدَّولة العثمانية وما قامت به من أفعال في تلك المناطق والمناطق الَّتي اقتطعت من سورية، أدَّى إلى هروب مسيحيي الجزيرة السُّوريَّة إلى جبال طور عابدين، والَّتي كان يقطن بها قسم كبير من قبائل السِّريان المحلميَّة والَّتي تفرَّع عنها الرَّاشديَّة وصورا واستل والأحمدي والكاشيَّة ورشمل ولأشتية وقبالا والَّذين اعتنقوا الإسلام نهاية القرن الخامس عشر نتيجة المضايقات الَّتي كانوا يلاقونها من العثمانيين نظراً لأنَّهم كانوا يعتنقون المسيحيَّة وهي الدِّيانة الَّتي يعتنقها الأوربيون والَّذين كانوا يطمعون في أراضي الدَّولة العثمانيَّة , وكانت تتدخل بذريعة حماية المسيحيِّين التَّابعين لها ضمن أراضي الدَّولة العثمانيَّة.

قامت الحرب العالميَّة الأولى ونتيجة لوقوف الأقليات في تركيا لاسيَّما الأرمن والَّذين اتَّصلت بهم روسيَّا إحدى دول الحلفاء لكسبهم إلى جانبها  من أجل مساعدتها ضد ألمانيا الَّتي وقفت تركيَّا إلى جانبها، فأوعزت ألمانيا إلى تركيا بضرورة التَّخلص من الأقليات القوميَّة كي لا تعرقل مؤخرة جيوشها وتدعم الحلفاء وتحصل على استقلالها وبذلك ستعرقل عملياتها الحربيَّة ضد روسيا، وتلا ذلك الخسارة الَّتي منيت بها دول المحور ومنهم تركيا  في هذه الحرب قامت بالانتقام منهم وهذا أدَّى إلى انحسار الوجود المسيحي في تركيا وعودة القسم الأكبر منهم إلى أراضيهم في الحسكة.    

كما قدمت مجموعة من قلعة مراويه وهم قوم من السِّريان الأرثوذكس يتكلَّمون العربيَّة وينتمون إلى قرية (قلعة مرا) والَّتي تعني باللُّغة السِّريانيَّة: قلعة السَّيِّد، وتقع إلى الشِّمال الشَّرقي من ماردين. وقدمت بعض الأسر الأقصورانيَّة وعاشوا على ضفاف نهري الخابور والجغجغ وبنو حواضر الجزيرة في مطلع القرن العشرين.

كما قــدم مــن مناطق مـــــردليَّة وآزخينيَّة وعين ورديَّة ومــــدياديَّة وآمديَّة وقلثينيَّة. وبافــــاوية. ودياربكرليـــــــــة والعشائر الآشورية الكلدانيَّة. وأرمنيَّة ومنصوراتيَّة وبرهميويَّة وقدم البني بليون.

اما الآشوريون الذين يعيشون على الخابور فقد قدموا من العراق نتيجة المآسي التي وقعت عليهم نتيجة دسائس الحلفاء والتي اودت بحياة الكثير منهم وشتتهم دون رحمة ثم سخرتهم لخدمتها، ولانقسامهم إلى عدة أقسام، فانقسم السريان (النساطرة) والسريان الغربيون (اليعاقبة) وكذلك السِّريان الملكيُّون، كما انقسم السِّريان النَّساطرة إلى آشوريِّين وكلدان، وانقسم السِّريان اليعاقبة إلى سريان أرثوذكس وسريان كاثوليك، وانقسم السِّريان الملكيون إلى روم أرثوذكس وروم كاثوليك “

. ومنذ تلك الفترة حاولت كلُّ ملَّة أنْ تنفرد بتسميتها الخاصَّة دينياً، فتناسى الآشوريُّون السِّريان التَّسمية الأصليَّة وهي الآشوريَّة، والسِّريانيَّة الَّتي اشتقت منها كتسمية لبقايا أبناء هذه الحضارة، بل أنَّ كلَّ فئة بدأت تأخذ تسميتها على أساس مذهبي ديني.

وتقع الحسكة على حوض الخابور الأوسط والَّتي كانت تُسمَّى الحْسِجه، وكانت موطن لبعض العشائر السَّيَّارة، وليس فيها غير ثكنة عسكرية صغيرة بُنِيتْ بعهد السُّلطان عبد الحميد فوق تل مشرف على نهر الخابور تقيم فيها قوة عسكريَّة عرفت بالبغالة نظراً لأنَّ أفراد تلك الثَّكنة كانوا يمتطون البغال، وكان هناك بعض الحوانيت الصَّغيرة يتسوق منها جنود الثَّكنة والعشائر، وكان يملك تلك الحوانيت عائلات سريانيَّة، وبدأت تكبر الحسكة من الفارين من الاتراك. أمَّا أوَّل عقار في الحسكة فهو منزل بُني عام (1897م)

ويملكه رجل مسيحي واسمه عبد المسيح موسى ويلقَّب بعميس موسى. وورد في بعض الروايات أن أول بيت هو للسيد عليوي السليمان من عشيرة الظفير بدير الزور أما عبد المسيح موسى “عميس موسى” فكان قد بنى خيمة على شكل براكة (كشك) عند المعبار على نهر الخابور مقابل حي غويران يبيع فيها حاجات العابرين

وعندما احتلَّها الفرنسيُّون عام (1922م) كانت عبارة عن ناحيَّة صغيرة تتبع لواء دير الزُّور وحوَّلتها حكومة لواء دير الزُّور إلى قضاء.  في أثناء ذلك كانت أعداد من أكراد تركيا تأتي إلى الجزيرة إثر فشل حركاتهم المسلَّحة وسيَّما ثورة النَّورسيِّ في الاستحواذ على أراضي الجزيرة العليا من أيدي الأتراك، على الرَّغم من وجود باشات رأس العين

وبعام (1925م) وبموجب القرار رقم (237) الصَّادر عن رئيس دولة سوريَّا أصبح قضاء الحسكة قضاءين يضمان ستِّ نواح لاستيعاب المهاجرين وتنظيمهم في القرى. سُمِّي الأوَّل قضاء الحسكة ويتألَّف من أربع نواحي هي (الشَّدادي والحسكة” المركز” ورأس العين وعامودا. والثَّاني سُمِّي قضاء كرو ويتألَّف من ثلاث نواح هي: كرو وعزور وديرون. وبعام (1928م) تمَّ تخطيط الحدود بين سوريَّا وتركيَّا وأُلحِق بسوريَّا القسم الواقع في أقصى الشَّمال الشَّرقيِّ للجزيرة وكان لايزال يُعتبر حتَّى ذلك الحين داخـل تركيـَّــا وجـــعل قضاء وسُمِّي قضاء عين ديوار.

(وفي 30 أيلول 1930م) فكَّت الحكومة المركزيَّة قضاء الحسكة وكرو “قيرو” عن لواء دير الزُّور ووحَّدتـــهم إداريا تحت اســــم “لواء الفرات” وبعام (1932 م) قُسِّم هذا اللُّواء إلى ثلاثة أقضية هي: قضاء مــركز اللُّواء في مدينة الحســكة وتتبعه ناحــيتان رأس العين والشَّـــدادة، وقضاء دجــــلة وتتبعه مصطفوية وديــرون آغا، وقضاء القامشليِّ ويتبعه “الدِّرباســــيَّة وبديرات وعامودا” وبعام (1936م) تحوَّل اللُّواء وأصبح محافظة “محافظة الجزيرة” مركزها بلدة الحسكة ثمَّ أصبحت محافظة الحسكة)

وخلال هذه الحقبة الزَّمنيَّة نشأت المدن والبلدات (القامشلي عاموده، الدِّرباسيَّة وغيرهم)

وقيل عن القامشلي الكثير، فمنهم من قال إنَّ كلمة القامشليِّ هي مشتقَّة من اللُّغة التُّركيَّة (قاميش) وتعني بالعربي أم القصب وهي نبتة القصب الَّتي كانت تنبت على ضفاف نهر الجغجغ، وقيل هي تحريف لكلمة

كوموشي السِّريانيَّة والَّتي تعني الجواميس لكثرة الجواميس الَّتي كانت تربى في مياه ومستنقعات المنطقة.

وفي عام (1925م) خرجت حملة عسكريَّة من الحسكة واستقرَّت في قبور البيض وجعلت مركزها في موقع تلِّ قيرو، وهو قريب من منطقة حلوة وأسَّسوا هناك قضاء أطلقوا عليه قضاء كرو ثمَّ ظهر أنَّ الموقع غير ملائم فنقل إلى موقع القامشليِّ وأحدثت الحكومة قضاء القامشليِّ بدلاً عن قضاء بياندور.

وكانت هذه البقعة بريَّة قفراء، وكان أوَّل بناء في القامشلي هو طاحونة وبيت (قدور بك) أحد وجهاء وقائمقام مدينة نصيبين ونصبت الحاميَّة الفرنسيَّة خياماً مكان السِّجن الحالي ومن ثمَّ بنو ثكنة سُمِّيت فيما بعد ثكنة الحجَّاج بن يوسف الثَّقفي في الجهة الشِّمالية فوق تلَّة قليلة الارتفاع يعتقد أنَّها كانت مقبرة لموتى العائلات المالكة في نصيبين وكانت تُسمَّى الخزنة. وقدم إليها السِّريان من القُرى المجاورة ومن طور عابدين وماردين وأمد /ديار بكر/. وقد تجمَّعوا في البداية تحت الخيم بالقرب من الحاميَّة الفرنسيَّة، ومن ثمَّ وجدت بضعة البيوت مبنية من اللِّبن التُّرابي اشتراها أصحابها من الشِّيخ حسين المقطف وسُمِّي فيما بعد (بحيِّ البشيريَّة) وفي عام (1929م) انفصلت القامشلي عن نصيبين وصارت قائمقاميَّة مستقلة.

يقطن محافظة الجزيرة (الحسكة لاحقاً) عشائر عربيَّة مسلمة. ويقطن هذه المحافظة أيضا بعض عشائر السِّريان والآشوريِّين والكرد الطَّارئين على الجزيرة من بلاد الكرد الشِّماليَّة، والشِّيشان الَّذين قدموا من بلاد القفقاس. 

وإذا ما رجعنا إلى صحائف سجل الملكيَّة العقارية في مدينة الحسكة والقامشلي وديريك ورأس العين والدِّرباسيَّة وحتَّى عامودا وتلِّ تمر سنجد أنَّ أصحاب أراضي المدن وضواحيها بيت كرمو ججو (جرتو) وسركيس بابا صوراني وبيت حمود العليوي السُّليمان وياسين حمود العليوي السُّليمان

كنَّا قد بينّا سابقاً إنَّ هناك مجموعة من العشائر الكرديَّة كانت تسكن في الجزيرة السُّوريَّة وأفرادها يحملون الجنسيَّة السُّوريَّة بصفتهم مواطنين سوريُّين.

ونتيجة للأحداث الَّتي وقعت في مناطق الأكراد وما تركته من آثار سلبية على تواجدهم في مناطقهم واضطرار قسم منهم إلى الهجرة باتِّجاه سوريَّة وبقيَّة البلدان المجاورة، أدَّى ذلك إلى وجود فئة من الأكراد ليس لهم أي وضع قانوني في الجزيرة السُّوريَّة، بعد أن قامت الحكومة التُّركيَّة برئاسة عصمت آينونو بتجريد هؤلاء المهاجرين من جنسيتهم التُّركيَّة ومصادرة ممتلكاتهم.

  وأدَّى ذلك إلى ظهور مشكلة في مناطق الجزيرة السُّوريَّة وهي وجود أشخاص بدون جنسيَّة، ولحلِّ هذه المشكلة قام مجلس المديرين والَّذي ترأسه  بهيج الخطيب وأصدر مرسوماً تشريعياً بعام (1939م ) صدَّقه المفوَّض السَّامي الفرنسي وافتتحت بموجبه عملية تجنيس واسعة ولمدَّة ستة أشهر تحت مسمى تسجيل ( وقوعات الأحوال المدنية المكتومة في سجلات النُّفوس في محافظة الجزيرة وللمتوفرة فيهم الشُّروط المتوجبة لاكتساب الجنسيَّة السُّوريَّة) وبرَّر المرسوم ذلك بــ”الأحداث” الَّتي وقعت في الجزيرة والَّتي لم تمكِّن أهاليها “المكتومين “ من الاستفادة من التَّسهيلات السَّابقة  وأعُفيَ “المكتومين” بموجب هذا المرسوم من العقوبات كافَّة كما اتَّخذت مديرية النُّفوس في أواخر عام ( 1939م )  قرارات مشدَّدة بلزوم حصول  كافَّة السُّوريِّين من “مسجلِّين مضى خمس سنوات على إصدار تذاكرهم ومكتومين” بلا استثناء  على تذاكر الهوية وإحالة المخالفين إلى محاكم الصُّلح  وتحذير المفوضيَّة الأهلين من التَّجول في المناطق من دون حمل تذاكر الهوية.

 وصار حمل الهويَّة إجباريا حين انتقال شخص ما إلى خارج محل إقامته، وجرى دهم المحلات العامَّة وتوقيف من لا يحمل تذكرة الهويَّة أو لم يستحصل عليها بعد، وأدَّى ذلك إلى الإقبال الكبير من المهاجرين القدامى والجدد على التَّسجيل للحصول على الهويَّة وكثرت الطَّلبات من المراجعين وأدَّى ذلك إلى تفشي ظاهرة الرَّشوة للحصول على البطاقة الشَّخصيَّة،  وكان باستطاعة أي شخص من المهاجرين  الحصول على الهويَّة، وحتَّى ما بعد دخول الحلفاء مددت فترة العفو حتَّى منتصف عام (1942م ) لتجديد الهويَّات، وتسجيل المكتومين  وكان ذلك يعني رفع وتيرة تسجيل سكَّان الجزيرة في الجنسيَّة السُّوريَّة إلى أبعد مدى ممكن.

وأرتفع عدد المسجَّلين في السِّجلَّات المدنية الرَّسميَّة من (105513نسمة) عام (1938م) إلى (146001نسمة) عام (1943م) أي بنسبة ارتفاع قدرها 38.4%.

وبعد عام (1943م) اتَّبعت الحكومة الوطنيَّة سياسة مخالفة لما انتهجته فرنسا وهي القيام بتقيِّيد تسجيل الأكراد في السِّجلات المدنيَّة ومنحهم الجنسيَّة، هذا الأمر أجبر فئة من الأكراد المهاجرين الجدد إلى تزوير الهويَّات وانتحال الأسماء وظهرت مشكلة سمِّيت “مشكلة الأسماء المستعارة والهويَّات المزوَّرة”.

وهذه الحالة دفعت الحكومة الوطنيَّة والَّتي يرأسها ناظم القدسيُّ في عام1950م لاستصدار بطاقات هوية جديدة لكلِّ السُّوريِّين. كما أصدر أديب الشِّيشكلي المرسوم التَّشريعي رقم 85 تاريخ 12 آذار 1950م الَّذي خصَّ الأفراد الَّذين انتسبوا إلى الخدمة العسكرية بأسماء مستعارة بالتَّصريح عن حقيقة هويَّاتهم وإمهالهم ثلاثة أشهر لتقديم تذكرة الهويَّة المدنيَّة الحقيقيَّة تحت طائلة الطَّرد من الخدمة فوراً، وبنهاية عام (1950م) قامت حكومة ناظم القدسيِّ بإجراء إحصاء عام يقوم على أساس التَّوثق من مدى صحَّة الهويَّة. كما أنَّه وفي عام (1952م) وفي عهد الرَّئيس أديب الشَّيشكلي صدر المرسوم التَّشريعي رقم 193 وأوقفت بموجبه كافَّة معاملات نقل ملكيَّة العقارات في مناطق الحدود واشترط لمن يرغب بنقل ملكيَّة عقار في مناطق الحدود الاستحصال على موافقة وزارة الدِّفاع ومن ثمَّ تصدر الرُّخصة بذلك بمرسوم عن رئيس الجمهوريَّة. وكان الهدف من ذلك للحيلولة دون تسرب الأراضي والعقارات السُّوريَّة الكائنة في تلك المناطق المذكورة إلى أشخاص غير مرغوب بملكيتهم لها مباشرة أو بواسطة أسماء مستعارة واعتبر كلَّ عقد يجري باسم مستعار للتَّملص من شروط القانون باطلاً.

وعلى الرَّغم من هذه الإجراءات إلَّا أنَّه تمَّ رصد حالة ازدياد بالسُّكَّان في الحسكة فقد ارتفع عدد السُّكَّان إلى (293140 نسمة) في عام (1959م) بينما كان العدد (162145 نسمة) عام (1952م) بمعدل زيادة سنويَّة قدرها 8,83في المئة وهو معدل مرتفع بالنِّسبة لمعدل النُّمو السُّكَّاني الطَّبيعي. ولم تتوقف هذه الهجرات تماماً حتَّى عام (1959م) حيث تحوَّلت من هجرات قسريَّة خوفاً من البطش التُّركي إلى هجرات عمل آملاً بالحصول على قطعة أرض، حيث شرعت الحكومة في عام (1959م) بتوزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء دون إتِّباع سياسة تمييز قوميِّ أو لغوي في عملية التَّوزيع، حيث أعطيت الأولوية للفلاحين الَّذين يعملون في الأرض، وكان في عدادهم الكثير من الفلاحين الأكراد ممَّن لا يحملون جنسيَّة سوريَّة، أو غير المقيَّدين في السِّجل المدنيِّ. وعلى الرغم من الهجرات الكبيرة للأكراد إلا انه ومع مرور الزمن بقيت نسبة الاكراد في محافظة الحسكة اقل من العرب. وجاءت دراسة التَّجمُّع الوطنيِّ للشَّباب العربيِّ في القامشلي في عام ( 2012م ) وأثبتت غلبة نسبة العرب بعد ان قام بإجراء دراسة لعدد السُّكَّان في محافظة الحسكة ونسبة العرب والأكراد والسِّريان وغيرهم وقسَّموا محافظة الحسكة إلى خمس مناطق إدارية رئيسة هي( المالكية، القامشلي، رأس العين، الحسكة، الشَّدادي ) وذكر إنَّ نسبة سكَّان المحافظة والمسجَّلين رسمياً بالأحوال المدنية (خارج وداخل القطر) (1.490.000 نسمة) بحسب السِّجلَّات المدنية سنة (2009م )  ويشكِّل الأكراد ما نسبته 25-30 % من عدد السُّكَّان في محافظة الحسكة وما نسبته من 8-10 % من مجموع سكَّان سوريَّا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى