مقالات

جريمة قتل الرئيس مرسي بدأت بخطفه!

د. محمود سليمان

أكاديمي سوري، دكتوراة في القانون الدستوري.
عرض مقالات الكاتب

انبرى بعض المحسوبين على الثورة السورية لمحاولة تحميل الرئيس مرسي مسؤولية أخطاء سياسية أثناء فترة حكمه بقصد التغطية على جريمة قتله، حيث لم ينظروا إلى بشاعة الانقلاب الذي جاء امتدادًا للحكم العسكري المستبد منذ انقلاب ١٩٥٢، بل راحوا يحمّلون شخصًا وصل بالديمقراطية ولم يتسنّ له أن يكمل سنين حكمه الأربع، ولم تتعاون معه مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الفلول والعسكر أو ما بات يعرف بالدولة العميقة! كانت الثورة المصرية على نظام الظلم والاستبداد والفساد الذي مارسه مبارك وأجهزته القمعية، وشارك بالثورة معظم أطياف الشعب المصري، وفي القلب منهم التيار الإسلامي، ولم يدّع تنظيم الإخوان المسلمين أنها ثورتهم، بل سعوا إلى ترسيخ التبادل السلمي للسلطة عبر الديمقراطية وخاضوا الانتخابات بحرية ونزاهة، وجاءت بالدكتور محمد مرسي من خلال عملية شهد العالم بأسرِه على نزاهتها. لكن هذا الأمر وهذا النجاح هدد البناء الرسمي العربي، وبالتالي فإن الأنظمة غير الساقطة باتت مرشحة للسقوط!

هذا ما دفع أنظمة الرز الوظيفية وبدعم الكيان الصهيوني وكثير من الأنظمة الغربية للتخطيط للانقلاب عليه منذ اليوم الأول لوصوله للحكم وبخاصة عندما قال (غرة ليست وحدها بعد اليوم وأرسل رئيس وزرائه هشام قنديل لغزة، كذلك الموقف المشرّف من الثورة السورية وقوله لبيك يا سورية). لقد حاول الرئيس الراحل فتح صفحة جديدة مع كل الشعب المصري بما فيهم رموز النظام السابق، وقد يكون -على خطأ- فهؤلاء تربّوا على كره الإسلام والعمل على القضاء على تنظيم الإخوان، ولكنه تعامل بمنطق رجل الدولة الذي يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وأنَّ الجميع أبناء وطنه. لقد حققت الحريات بعهده -رغم الفترة القصيرة والمقيدة من قبل المجلس العسكري- قفزة نوعية من فسح مجال للحريات وعلى رأسها حرية الإعلام، ووصل به الأمر إلى إلغاء قانون سابق يجرّم التعرض لشخص رئيس الجمهورية، وتمت الإساءة له والسخرية منه على الإعلام المصري. وفي المجال الاقتصادي فقد حقق الاقتصاد بعهده نجاحًا ملحوظًا ونموًا غير مسبوق، وبدأ ذلك يظهر على الطبقة الفقيرة عندما أسقط عن الفلاحين الديون السابقة عليهم.

المبادئ والأخلاق لا تتجزأ، وكان على الذين يدعون نصرة حقوق الإنسان وحرياته وادّعاء قبولهم بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. أن يقفوا مع الدولة المصرية ومؤسساتها الشرعية وأن تكون صناديق الانتخابات هي الحكم والفيصل من خلال تقييم أدائه وعمل الحكومة، لا أن يقفوا بصف الانقلاب الدموي لجنرالات العسكر المدعومين بمليارات الدولارات من قبل السعودية والإمارات والكيان الصهيوني وكثير من الأنظمة الغربية. لقد أثبتت الأيام أن كثيرًا مما أشاعه الإعلام المغرض، كانت تلفيقاتٍ مدفوعة الثمن، فالإخوان لم يقوموا بأخونة الدولة كما أشيع عنهم أو كما يحاول بعض من يحملون العداء لكل من يحمل فكرًا إسلاميًا وللإسلام بشكل عام تصوير ذلك، بل حاولوا قيادة بلد أنهكه الفساد والمفسدون، وجعلوا أهله طبقات ومستويات قاعدة عريضة من الفقراء والمسحوقين، وقمة قليلة تتمتع بالخيرات والأموال!

وعند اختطاف الرئيس الشرعي “المنتخب” قامت الاعتصامات المدنية والتي شاهد العالم بأسره كيف تم اقتحامها بالأسلحة من السفاح السيسي!

أي كلام بهذه الفترة بعد اكتمال جريمة القتل التي بدأت منذ الاختطاف وانتهت بالقتل البطيء خارج إدانة هذه الجريمة هو تدليس ومحاولة لتشتيت الرأي والتخفيف من بشاعتها وناتج عن حقد أيديولوجي لأي تيار إسلامي وإن كان “معتدلاً” ويقبل بالعملية الديمقراطية. لقد بيّنت هذه الجريمة البشعة عن بشاعة أخرى تتمثل بدعاة العلمانية المتطرفة والتي خانت المبادئ التي تشدّقت بها، حين لا تأتي نتائج الانتخابات متفقة مع رؤيتها وخطها الأيديولوجي، فهي تقبل القبول بالملحدين والشواذ وتعد جزءًا من الحرية، بينما ترفض أي تيار إسلامي تأتي به انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن غالبية الشعب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى