ثقافة وأدب

وانقطع العزف…

د. مصطفى عبد القادر

أديب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

قبالة الغابة على حافة النهر… قبيل غروب كل يوم، اعتاد الراعي العزف بنايه أجمل الألحان… فتتنادى حيوانات الغابة وطيورها… تصطف بأنساق منتظمة لتصغي وتستمتع… نسق للثعالب، وأخر للأرانب، وثالث للضباع، ورابع للعصافير، و…..حتى بدت تلك الموسيقى أداة توحد وانسجام بين ألد الحيوانات عداوة.
وفي يوم ربيعي مزهر… خفت وهج الشمس… وانسحب وجهها البرتقالي ليتوارى خلف أشجار الغابة بهدوء. انساب صوت الناي بعزف شجي أخذ بمجامع القلوب… انطلقت الآهات الحرى من صدور الحيوانات والطيور متماهية مع ذلك الصفير الآسر،فأضفت على الغابة روتقا حالما أقرب إلى القداسة والتسبيح. في ذروة العزف والانتشاء لمح القط (دبا) أسود المظهر به مس من الجنون يتقدم بخطاه صوب الراعي ،فهمس لأصحابه بصوت مكسور(خربها الأهبل). لم يفهم الأصحاب مغزى قول القط، حاولوا الاستفسار منه فلم يجب مكتفيا بهز رأسه يمنة ويسرة تعبيرا عن أسفه وانزعاجه. استمر العزف… أكتاف الحيوانات تتمايل مع عذوبة الألحان… الكل بحالة توحد صوفي، واندغام نفسي ماخلا القط. اقترب الدب من الراعي… باغته بضربة قوية على رأسه سحنت جمجمته وأردته قتيلا…. انقطع العزف… ران صمت مهيب على الغابة… جحظت العيون… ارتسم وجوم صاعق على وجوه الحيوانات… التفت القط إلى أصحابه وقال بلسان يقطر ألما: ألم أقل لكم (خربها الأهبل)؟!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى