مقالات

هل تعرفون الطفل خالد بكور؟

سهيل مصطفى*

كانت الطفولة والأطفال الضحية الأكثر تضرراً من النزاعات المسلحة عبر العصور، ولم تشفع براءة الأطفال لهم، للنجاة من آلة الحرب القاسية والقذرة، وليست الحرب السورية استثناء عن تلك الحروب التي جرت وتجري الآن.

حيث بلغت الإنتهاكات الجسيمة التي لحقت بالأطفال السوريين، مستويات لم يسبق لها مثيل، في حرب تتحكم بها دول، وتُسيّرها مصالح، وتُوقد نارها غايات بعيدة عما سعى ويسعى إليه الشعب السوري الثائر، على طاغية لا يحفظ عهداً ولا ذمة، ولا يُقيم اعتباراً لأي معايير أخلاقية أو إنسانية.

* الطفل خالد البكور

لم يخطر في بال الطفل خالد البكور، النازح مع ذويه من حماة إلى مدينة معرة النعمان، أن يكون حديث الناس، ونجم وسائل التواصل الإجتماعي، كما لم يخطر على قلبه أن يكون تحت الأنقاض، وأخوته حوله يحاولون إنقاذه، ويصرخون بخوف وبراءة وبلهجتهم المحلية ( أخوي انعفس يا عمو … أخوي انعفس يا عمو )

إنها التراجيدية السوداء التي يساهم بصناعتها وتدوينها تُجار الحروب، وصُنّأع الأزمات، ونخاسو الشعوب.

* هل رأيتم”خالد”؟

في مقطع فيديو قصير نُشرَ بتاريخ 15.06.2019 يُوجه حامل الكاميرا الذي يستقل عربة إسعاف تسير بسرعة جنونية، عدسته نحو أدخنة متصاعدة، في محيط تحكمه أصوات الإنفجارات، وأصوات عربات الإسعاف المزعجة، في مشهد تعجز خيالات وتقنيات هوليود، أن تصنع مثله!

وتراجيديا مُتسارعة تتنازع فيها كل الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، لتُثبت حجم المعاناة والقهر الذي يقع على طفولة، لم تعرف منذ أن رأت النور، إلا القصف والتدمير والدماء والأشلاء!

ثم يظهر أفراد من الخوذ البيضاء يجرون بين الأنقاض، ويصرخون ( مين فيه هون )؟

ليظهر طفلان يبكيان ويحاولان إخراج أحد ما من تحت الأنقاض ويصرخان: أخوي انعفس أخوي انعفس !!

ليتولى عناصر الخوذ البيضاء إكمال المهمة، ويبدؤون بإزاحة ما كان الأطفال يزيحونه، بأيديهم الغضة، ليُفاجأ المُنقذون بوجود جسد صغير بين الرُكام، لا تبدو عليه للوهلة الأولى آثار الحياة.

لكن قدره الإلهي أن يعيش، وقدر عناصر الخوذ البيضاء أن يكونوا سبباً في حياة الطفل خالد البكور { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } المائدة 32

* ما هو الوضع الصحي الآن لخالد؟

أُصيب الطفل خالد البكور بعدة كسور في يده وقدمه، وهو الآن في المشفى الوطني في مدينة معرة النعمان، وزاره العديد من المواطنين، من يعرفه ولا يعرفه، كما زارته بعض المنظمات الإنسانية للاطمئنان على حالته الصحية، وكل من رآه بعد ذلك الفيديو المأساوي، لم يُصدّق أن الطفل خالد البكور حيّاً يُرزق، وسبحان من أنجاه و أحياه.

* ماذا بعد؟

وحسب تقارير لليونيسيف حول تأثير النّزاع المسلح على الأطفال في سورية، فإن عدد حالات القتل والتشويه في ازدياد وارتفاع، وأن عمق هذه المعاناة غير مسبوق، ويُصاب كل طفل دون استثناء بجراح تلازمه مدى الحياة، وتترك عواقب وخيمة على صحة الأطفال ورفاهيتهم ومستقبلهم.

ويوجد في سورية 2.8 مليون طفلاً يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها، من ضمنهم 280.000 تحت الحصار وفي حالة انقطاع شبه كامل عن تلقي المساعدات الإنسانية.

سهيل مصطفى: كاتب صحفي-ألمانيا

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى